الذهب أحد النقدين، والتعامل بالذهب من الأشياء الشائكة والتي على خطر عظيم جدا نظرا؛ لأنَّ التعامل بالذهب قد يجر إلى التعامل بالربا.

حكم بيع الذهب بالذهب؟

يشترط في بيع الذهب بالذهب التماثل والفورية، إذ لا يجوز بيع الذهب بالذهب إلا سواء بسواء ، يدا بيد ؛ لأنَّ الذهب من الأصناف الستة التي ورد النهي عن التفاضل في الصنف الواحد منها ، كما في حديث عبادة قال : سمعت رسول الله “ينهى عن بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء ، عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى”.

وإن كان البيع ذهباً بفضة أو ذهبا بنقود ورقية فلا بد من التقابض في مجلس العقد. وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال: رسول الله : ” لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض لا تبيعوا منها غائبا بناجز”.

وفي هذا الحديثِ يَنهى النَّبيُّ عن صُوَرِ الرِّبا في الذَّهبِ والفِضَّةِ، ويُوجِّهُ لطُرقِ البيعِ والشِّراءِ فيها مع اجتنابِ الوُقوعِ في الحرامِ؛ فقال: «لا تَبِيعوا الذَّهَبَ بالذَّهبِ إلَّا مِثلًا بمِثْلٍ»، يَعنِي: بِلا زِيادةٍ وتَفاضُلٍ، “ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ”، يَعنِي: لا تَزيدوا أحدَ العِوَضينِ على الآخَرِ، فلا يُباعُ عِشرونَ جِرامًا بثَلاثينَ مِثلًا، فكُلُّ زِيادةٍ هي رِبًا، وكذلك الأمرُ في الوَرِقِ، وهو الفِضَّةُ، ثُمَّ قال: “ولا تَبِيعوا منها غائِبًا بناجِزٍ”، يَعنِي: لا تَبيعوا غائبًا مُؤَجَّلًا بحاضِرٍ نَقدِيٍّ.
فيُشترَطُ في بَيعِ الجنسِ بجِنسِه المُماثَلةُ والتَّقابُضُ في مَجلسِ العقْدِ. وإذا اختَلَفَ الجِنسُ وبَقِيَت العِلَّةُ -مِثلُ بَيعِ الذَّهبِ بالفِضَّةِ- فلا يُشترَطُ التَّماثُلُ، ويُشترَطُ فقَطِ التَّقابُضُ في مَجلسِ البيعِ؛ لقولِه في صَحيحِ مُسلمٍ: “فإذا اختَلَفَت هذه الأصنافُ، فبَيِعوا كَيف شِئتُم، إذا كان يَدًا بيَدٍ”.

وشراء الذهب عن طريق الفيزا كارت يجوز إذا تم هذا الشراء عن طريق الفيزا المغطاة، أما الفيزا غير المغطاة فلا يجوز شراء الذهب بها، فضلا على أنه لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها، وهذا ما انتهى إليه مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة.

هل يجوز شراء الذهب بالشيكات؟

أما شراء الذهب بالشيكات وتعامل تجار الذهب بالشيكات فإن المسألة قد اختلف فيها أهل العلم، هل يقوم الشيك مقام القبض الذي اشترطه الشارع؟ فيها قولان.
القول الأول : هناك من العلماء من نظر إلى أن الشيك على أنه وثيقة حوالة، وعلى هذا فلم يجز بيع الذهب بالشيكات، ويمثل هذا الرأي فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث يقول:
لا يجوز التعامل بالشيكات في بيع الذهب او الفضة وذلك لأن الشيكات ليست قبضاً وإنما هي وثيقة حوالة فقط بدليل أن هذا الذي اخذ الشيك لو ضاع منه لرجع على الذي أعطاه إياه ولو كان قبضاً لم يرجع عليه، وبيان ذلك أن الرجل لو اشترى ذهباً بدراهم واستلم البائع الدراهم فضاعت منه لم يرجع على المشتري ولو انه اخذ من المشتري شيكاً ثم ذهب به ليقبضه من البنك ثم ضاع منه فانه يرجع على المشتري بالثمن.

وهذا دليل على أن الشيك ليس يقبض وإذا لم يكن قبضاً لم يصح البيع لان النبي : أمر ببيع الذهب بالفضة أن يكون يداً بيد إلا إذا كان الشيك مصدقاً من قبل البنك واتصل البائع بالبنك وقال: ابق الدراهم عندك وديعة لي، فهذا قد يرخص فيه. أهـ

القول الثاني : هناك من العلماء من اعتبر الشيك المغطى بمثابة ورق نقدي، وجعل قبض هذا الشيك بمثابة القبض الذي ذكر في الحديث وعلى هذا أجاز التعامل بالشيكات العاجلة في تجارة الذهب، ويمثل هذا الاتجاه فضيلة أ.د.على محيي الدين القره داغي حيث يقول:

بيع الذهب بالشيكات أو شراؤه بها جائز إذا كان الشيك عاجلا، وله ما يقابله في حساب الشخص؛ لأن الشيك المغطى بمثابة ورق نقدي يجوز البيع والشراء به، أما إذا كان الشيك قد كتب عليه تاريخ متأخر عن يوم البيع؛ فهذا غير جائز بالاتفاق. أهـ

والذي نرجحه هو جواز التعامل بالشيكات العاجلة في تجارة الذهب لأنها صورة من صور القبض الحديثة، ولكن يشترط أن يتم استلام الذهب والشيك في مجلس العقد. أما الشيكات الآجلة ـ أي ذات التاريخ المتأخر عن يوم البيع ـ فيحرم شراء الذهب بها. كما لا يجوز بيع حلي الذهب أو الفضة نسيئة والنسيئة هي تأخير قبض الثمن أو بالدين بل يجب أن يتم تسليم الثمن نقدا أو شيكات عاجلة مع فورية التقابض.