يقول الشيخ العلامة ابن العثيمين – رحمه الله-:-
إذا صلى الإنسان في ثياب نجسة وقد نسى أن يغسلها قبل أن يصلي ، ولم يذكر إلا بعد فراغه من صلاته ، فإن صلاته صحيحة ، وليس عليه إعادة لهذه الصلاة، وذلك لأنه ارتكب هذا المحظور نسياناً ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) ، فقال الله تعالى قد فعلت ، ورسول الله ﷺ صلى ذات يوم في نعليه وكان فيهما أذى ولما كان في أثناء الصلاة خلعهما رسول الله ﷺ وهو يصلي ولم يستأنف الصلاة ، فدل ذلك على أن من علم بالنجاسة في أثناء الصلاة فإنه يزيلها ولو في أثناء الصلاة ويستمر في صلاته إذا كان يمكن أن يبقي مستور العورة بعد إزالتها ، وكذلك من نسى وذكر في أثناء الصلاة فإنه يزيل هذا الثوب النجس إن كان يبقي عليه ما يستر به عورته ، وأما إذا فرغ من صلاته ثم ذكر بعد أن فرغ ، أو علم بعد أن فرغ من صلاته فإنه لا إعادة عليه وصلاته صحيحة .
بخلاف الرجل الذي يصلي وهو ناس أن يتوضأ مثل أن يكون قد أحدث ونسي أن يتوضأ ثم صلى وذكر بعد فراغه من الصلاة أنه لم يتوضأ، فإنه يجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة، وكذلك لو كان عليه جنابة ولم يعلم بها مثل أن يكون قد احتلم في الليل وصلى الصبح بدون غسل جهلاً منه ، ولما كان في النهار رأى في ثوبه منياً من نومه فإنه يجب عليه أن يغتسل وأن يعيد ما صلى .
والفرق بين هذه والمسألة الأولى – نعني مسألة النجاسة – أن النجاسة من باب ترك المحظور ، وأما الوضوء والغسل فهو من باب فعل المأمور ، وفعل المأمور أمر إيجادي لابد أن يقوم به الإنسان ، ولا تتم العبادة إلا بوجوده ، أما إزالة النجاسة فهي أمر عدمي لا تتم الصلاة إلا بعدمه فإذا وجد في حال الصلاة نسياناً أو جهلاً فإنه لا يضر ، لأنه لم يفوت شيئاً يطلب حصوله في صلاته .