من قاء رغما عنه، أي غلبه القيء دون تعمد منه فلا شيء عليه ، وصيامه صحيح ، وأما من استقاء، أي أخرج القيء من جوفه متعمدا فجمهور العلماء يقولون بأن صيامه يبطل وعليه القضاء، ولكن دليلهم غير قوي، وبعض العلماء يقول بأن القيء لا يبطل الصيام سواء تعمده الصائم أو لم يتعمده، فالاحتياط عدم تعمد القيء لغير ضرورة، فإن دعت الحاجة إليه فلا يجب القضاء ولكن يستحب .
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
روي أن النبي ـ ﷺ ـ قال: ( من زرعه القيء ـ أي: غلبه ـ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض ). رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي.
قال الفقهاء: إن القيء وهو: ما يخرج من المعدة عن طريق الفم إن كان إخراجه اضطراريا، فلا يفسد الصوم وإن كان عن تعمد؛ فسد الصوم.
وقال ابن مسعود وعكرمة وربيعة: إن القيء لا يفسد الصوم على أي حال. محتجين بحديث فيه مقال.
وردوا على الفقهاء أن: الحديث الذي اعتمدوا عليه موقوف وليس مرفوعا إلى النبي ـ ﷺ ـ فقال البخاري: لا أراه محفوظا، وقال الترمذي :قد روي من غير وجه ولا يصح إسناده ، وأنكره أحمد. واحتج الجمهور أيضا بحديث آخر، لكن في سنده اضطراب، لا تقوم به حجة .
وهو ما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن رزين البكري قال حدثتنا مولاة لنا يقال لها سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: ” دخل علي رسول الله ﷺ فقال يا عائشة هل من كسرة فأتته بقرص فوضعه على فيه فقال يا عائشة هل دخل بطني منه شيء كذلك قبلة الصائم إنما الإفطار مما دخل وليس مما خرج ” ولجهالة المولاة التي روت الحديث عن السيدة عائشة لم يثبته بعض أهل الحديث.
وإذا لم يوجد حديث متفق على رفعه وصحته فالأمر متروك للاجتهاد، وقد وجد من يخالف الجمهور، ويمكن أن يقال: إن القيء ليس فيه أكل ولا شرب بل فيه إخراج أكل وشرب لمنع ضرره بالجسم.
فهل يلحق بالحجامة التي هي: أخذ دم من الرأس، ومثله الفصد وهو: أخذ دم من غير الرأس.
إن الجمهور يقولون بعدم إبطال الصيام بالحجامة والفصد لأن حديث: “أفطر الحاجم والمحجوم”. لم يسلم من النقد إن لم يكن من جهة السند فمن جهة الدلالة.