شرع الحج ليعش المسلم في رحاب الله تعالى متجردًا من متاع الدنيا ،ليكون للآخرة أقرب،فيشغل نفسه بأداء المناسك والدعاء ،فيرجع مغفور الذنوب كيوم ولدته أمه،ولكن النفس البشرية قد تقطع في أخطاء،فكان من الواجب تبيين الحكم الشرعي فيها،من ذلك الاستمناء في الحج والعمرة.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الاستمناء سواء كان باليد أم بالفكر والنظر لا يفسد الحج أو العمرة ،ولكن يجب معه دم،وذهب جمهور المالكية إلى أن الاستمناء باليد مفسد للصوم ،وعليه الفدية والقضاء،وإن كان الاستمناء بالفكر ،والنظر عمدًا فحكمه الإفساد أيضًا،أما إن كان من مجرد النظر ،ففيه دم ،ولا يفسد الحج.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف الكويتية مانصه بتصرف :
لا يفسد الحج بالاستمناء باليد عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، لكن يجب فيه دم ، لأنه كالمباشرة فيما دون الفرج في التحريم والتعزيز ، فكان بمنزلتها في الجزاء . ويفسد الحج به عند المالكية ، وأوجبوا فيه القضاء والهدي ولو كان ناسيًا ، لأنه أنزل بفعل محظور .
والعمرة في ذلك كالحج عند الحنفية ، والشافعية والحنابلة ، وهو ما يفهم من عموم كلام الباجي من فقهاء المالكية ، لكن ظاهر كلام بعض المالكية أن ما يوجب الفساد في الحج في بعض الأحوال من وطء وإنزال يوجب الهدي في العمرة ، لأن أمرها أخف من حيث إنها ليست فرضًا .
أما الاستمناء بالنظر والفكر فإنه يفسد الحج عند المالكية ، باستدعاء المني بنظر أو فكر مستدامين ، فإن خرج بمجرد الفكر أو النظر لم يفسد، وعليه هدي وجوبًا ، وسواء أكان عمدًا أم جهلاً أم نسيانًا . ولا يفسد به الحج عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، ولا فدية فيه عند الحنفية والشافعية ، وعند الحنابلة تجب الفدية في النظر ، وأما التفكير فانفرد بالفدية فيه بعض الحنابلة .
والخلاصة أن الاستمناء باليد مفسد للحج والعمرة عند المالكية ،غير مفسد له عند الجمهور وفيه دم،والتفرقة بين الاستمناء باليد أو الفكر والنظر سبقت الإشارة إليها.