من أتى عليه عيد الفطر في بلد ، وكان من يعولهم في بلد آخر ، فالواجب أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه في البلد التي هو فيها ، ومن الأصناف التي يأكلها هو أو قيمتها ، أما من يعولهم فيخرج عنهم في المكان الذي هم فيه ، ومن الأصناف التي يأكلونها ، وإن أخرج القيمة عنهم فالعبرة بالمكان الذي هم فيه .
يقول الشيخ محمود خطاب السبكي – رحمه الله- في كتابه الدين الخالص:
تؤدى زكاة الفطر في مكان المؤدى عنه – عند أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومالك ، والشافعي – فيؤدي الموسر زكاة الفطر عن نفسه حيث هو – أي في المكان الذي يوجد فيه وقت وجوب الزكاة عليه – وعمن يمونه ويلي عليه حيث هم ؛ لأنها أحد نوعي الزكاة ، وزكاة المال تؤدى حيث المال فكذا زكاة الرأس تؤدى في مكان الرأس .
والعبرة بقوت موضع المخرج عنه . فإن أخرج عن أهله أخرج من الصنف الذي يأكلونه ، وإن أخرجوا عنه أخرجوا من الصنف الذي يأكله هو . ولو عجل زكاة الفطر بمكان ثم سافر لمكان آخر فوجبت عليه فيه أحزأ ما كان أخرجه .
وقال محمد بن الحسن من أعلام الحنفية : العبرة بمكان المؤدي فيخرج عن نفسه وعمن يليه في مكانه ؛ لأنها تتعلق بذمة المؤدي لا بماله فيعتبر بمكانه انتهى.
وقال الإمام النووي الشافعي في المجموع :-
إذا كان الشخص في وقت وجوب زكاة الفطر في بلد ، وماله في نفس البلد وجب صرفها فيه . وإن كان في بلد وماله في بلد آخر فأيهما يعتبر ؟ فيه وجهان :- ( أحدهما ) بلد المال كزكاة المال وأصحهما بلد رب المال , ممن صححه المصنف في التنبيه والجرجاني في التحرير والغزالي والبغوي والرافعي وآخرون , فعلى هذا لو كان له من تلزمه نفقته وفطرته وهو في بلد آخر فقد قال صاحب البيان : الذي يقتضيه المذهب أنه يبني على الوجهين في أنها تجب على المؤدي ابتداء أم على المؤدى عنه .انتهى.
وجاء في حاشية ابن عابدين :-
نقل عن بعض الأحناف أنه قال كما في المنح : الأفضل أن يؤدي عن عبيده وأولاده وحشمه حيث هم عند أبي يوسف ، وعليه الفتوى ، وعند محمد بن الحسن حيث هو ا هـ تأمل . ثم قال ابن عابدين معقبا على هذا القول : لكن في التتارخانية : يؤدى عنهم حيث هو وعليه الفتوى وهو قول محمد ومثله قول أبي حنيفة وهو الصحيح . انتهى.
وجاء في مغني المحتاج في فقه الشافعية :-
العبرة في نقل الزكاة المالية ببلد المال حال الوجوب ، وفي زكاة الفطر ببلد المؤدى عنه اعتبارا بسبب الوجوب فيهما , ولأن نظر المستحقين يمتد إلى ذلك فيصرف العشر إلى مستحقي بلد الأرض التي حصل فيها العشر .