يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة
الخُمُر في الآية الكريمة: “وليضربن بخمرهن” جمع خمار وهو غطاء الرأس، وأما الجيوب فهي أية فتحة في الثياب يظهر منها شيء من جسم المرأة. ومعنى الآية الكريمة أن الله –عز وجل- بعد أن أمر المؤمنين بغض أبصارهم عن النظر إلى النساء الأجنبيات، وأمر المؤمنات بغض أبصارهن عن النظر إلى الرجال الأجانب، وعدم إظهار الزينة أمامهم إلا ما ظهر منها بطبيعته، وهو الوجه والكفان فقط على الصحيح المختار من أقوال أهل العلم، بعد ذلك كله أمر النساء المؤمنات بأن يغطين رؤوسهن بأخمرتهن بحيث تغطي هذه الخمر أية فتحة في ثياب المرأة كصدرها أو نحرها، أو نحو ذلك.
وهذا الأمر للوجوب؛ لأن الأصل في أوامر الله ورسوله أن تكون للوجوب إلا إذا صرفها عن ذلك صارف، ولا صارف هنا فيما أعلم.
وقد أجمع العلماء ولا أعلم مخالفًا في ذلك. لا في قديم ولا حديث، ويترتب على ذلك أن عدم تغطية المرأة رأسها وشعرها، وصدرها ونحرها، وجميع أجزاء جسمها ما عدا الوجه والكفين حرام إلا لضرورة كالعلاج ونحوه. والضرورة تقدر بقدرها. ولم يقل أحد –فيما أعلم- إن الطلب هنا سنة، والفرق بين الواجب والسنة أن الواجب مطلوب على سبيل الحتم والإلزام، بحيث يُثاب فاعله، ويعاقب تاركه. وأما السنة فأمر مطلوب، ولكن ليس على سبيل الإلزام بحيث إن من فعله يُثاب، ومن لم يفعله لا يعاقب.
ولذلك نقول إن المطلوب في الآية مطلوب على سبيل الوجوب أو الفرض والإلزام، فإن استجابت له المرأة المسلمة أثيبت على الطاعة وإلا عوقبت على المعصية، ويزيد ذلك قوله –تعالى-: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” (الأحزاب: آية 59). أي أن احتشام المرأة يجعلها تتميز عن غيرها من أهل المعاصي، فلا يتعرض لها أحد من أهل الفجور فيؤذيها بالقول أو الفعل.