لم يكن في زمن النبي –عليه الصلاة والسلام- حواجز تصلي خلفها النساء في المساجد، لكن المساجد تغيرت عما كان عليه الحال في زمن النبي –عليه الصلاة والسلام- من حيث وجود الإضاءة الكثيرة الكاشفة، ومن حيث كثرة خروج النساء في هذا الزمن، ومن حيث قلة التزام كثير من الناس بأحكام الإسلام، فوضع الحواجز للأمن من انكشاف النساء للرجال، واختلاطهن بهم أمر لا يخالف الشرع، بل هو مما يحقق المصلحة الشرعية في درء المفاسد، وسد ذرائع الشيطان.
وقد كانت أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- إذا جاء إليها طلاب العلم ليسمعوا منها أمرت بالحجاب –الستر- فضرب بينهم وبينها، وحدثتهم من وراء الحجاب، وهي أم لكل مؤمن.
على أنه لا مانع من صلاة النساء بدون حاجز يفصل بينهن وبين الرجال، إذا كان المسجد واسعاً والمسافة الفاصلة بين الرجال والنساء تكفي لعدم ظهور النساء بوضوح أمام الرجال مع إخفات الأضواء.
أما إذا كانت المسافة قصيرة بينهم فلا بد من وجود حاجز يسترهن، ولتتأمل قول الله عز وجل:”يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ” [الأحزاب/59]
ومعنى ذلك أدنى ألا يعرفن فلا يؤذين على تقدير حذف (لا) النافية أو أن يكون المعنى: ذلك أدنى أن يعرفن بالستر والاحتشام فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى.