يبين الدكتور مجدي الهلالي كيفية تقوية الإيمان فيقول :
قال ﷺ “ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” متفق عليه
ومن المعلوم أن صلاح القلب إنما يكون بتمكن الإيمان منه ، أما فساده فيكون بضعف الإيمان وسيطرة الهوى عليه
وعندما يقوى الإيمان تتحسن جميع أحوال الفرد وتسمو العلاقات في المجتمع ، وينصلح حال الأمة ، وكيف لا والإيمان يدفع إلى السلوك الصحيح ، وهو الشجرة المباركة التي تؤتي أكلها كل حين ، وفي كل الاتجاهات “ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها”[إبراهيم:25،24]
ومن الثمار المتوقعة لقوة الإيمان : المسارعة في فعل الخيرات ، وتنفيذ الأعمال ، دون تباطؤ أو تلكؤ أو تكاسل بل بدافع ذاتي من داخل الفرد “لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم [التوبة:44] .
وإن أردنا أمثلة لذلك فما علينا إلا أن نتذكر موقف حنظلة – غسِّيل الملائكة – الذي كان في أيام عرسه الأولى مع زوجته ، ثم سمع منادي الجهاد يقول : حي على الجهاد ..
.. إن الشخص المتجرد الصادق عندما يكون في مثل هذا الموقف ، فإنه سيسارع إلى تلبية النداء ، ولكن سيبدأ أولاً بالاغتسال من الجنابة ، وتجهيز نفسه في دقائق ليلحق بالجيش.
ولكن حنظلة لم يفعل ذلك بل سارع دون اغتسال .. سارع كما هو ، وكأنه ينتظر هذا النداء ، حتى إذا ما سمعه نسى كل شيء … ويستشهد حنظلة ، وتغسِّله الملائكة لنعرف قصته ، وندرك كيف تكون المسارعة في الخيرات ، وكيف يمكن للإيمان أن يصنع المعجزات.
موقف آخر يدل على سرعة الاستجابة ، والمسارعة في الخيرات حدث لأنس بن مالك ومجموعة من الصحابة كانوا يشربون الخمر قبل تحريمها .. وقد كانوا يشربون الخمر وقتها كشربنا نحن لأي مشروب بل كالماء ، فكانت عادة لا تنفك عنها العرب ، وفيها كتبوا الأشعار والقصائد.
كان أنس قائماً يسقي أبا طلحة وغيره ، وبينما هم في هذا الحال ، إذ جاءهم رجل فقال : وهل بلغكم الخبر؟ فقالوا : وما ذاك ؟ فقال : حرمت الخمر.
… لو كنت مكانهم – أخي القارئ – ماذا ستفعل ، بلا شك ستتوقف ولكن ستريد معلومات أكثر عن التحريم وتوقيت البدء ، وأي الأنواع يشملها ، أو حتى ستفكر أن تستوثق من صحة الخبر أولاً ، لكنهم لم يفعلوا ذلك أبداً ، بل قالوا مباشرة وفي سرعة عجيبة :”أهرق هذه القلال يا أنس “. قال أنس : “فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل”..
… هذه نماذج تصوِّر لنا ثمرة من ثمار الإيمان الحي اليقظ ، والتي إن غابت بسبب ضعف الإيمان فإن السلوك سيتغير .. تضعف الإرادة والعزيمة لفعل الخير ، يخفت الدافع الذاتي للقيام التلقائي بالعمل.
عندما يضعف الإيمان يحتاج الفرد إلى من يجذبه للقيام بالعمل ، ويدفعه إليه دفعاً ، فإذا ما تُرك بمفرده فلن يقوم بشيء وكأن قوله تعالى”إلا ما دمت عليه قائماً” يتمثل فيه ، فإذا ما أردنا مزيداً من الإيجابية ، والذاتية ، فليكن هدفنا القلب ، ولنبدأ بتقوية الإيمان فيه حتى يُثمر مثل هذه الثمار الطيبة.