دليل وجوب القضاء:-
أصل وجوب القضاء قوله تعالى: [فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر]، ولأن الأصل في العبادة الموقتة – أي التي لها وقت مخصوص مثل صيام رمضان -، أنها إذا فاتت عن وقتها أن تُقضى وهذا سواء فاته صيام رمضان أو أيام منه لعذر أو لغير عذر، لأنه لما وجب القضاء على المعذور، فلئن يجب على المقصر غير المعذور في فطره أولى، ولأن المعنى يجمعهما وهو الحاجة إلى جبر الفائت، بل حاجة غير المعذور أشد. [“البدائع” ، ج2، ص103].
وقت القضاء:-
وقت القضاء فهو سائر الأيام خارج رمضان سوى الأيام المنهي عن الصيام فيها، ودليل ذلك قوله تعالى:[فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر..] ووجه الدلالة بهذه الآية الكريمة أن الله تعالى أمر بالقضاء مطلقًا عن وقت معين، فلا يجوز تقييده ببعض الأوقات إلا بدليل، ولا دليل هنا. وأيضًا فإن الأمر بالقضاء هو على التراخي وليس على الفور. وما قلناه هو مذهب الحنفية. وقد ترتب على ذلك في مذهبهم جواز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر، وليس عليه شيء إلا القضاء سواء كان التأخير لعذر أو لغير عذر [“البدائع” ، ج2، ص103 – 104].
وقال الحنابلة: وقت القضاء مؤقت بما بين رمضانين، فمن فاته شيء من رمضان أن يقضيه في هذا الوقت ما لم يدخل رمضان آخر، لقول عائشة – رضي الله عنها: “كان يكون علىَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان [“اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان”، ج2، ص18]، وجاء في “التاج الجامع للأصول لأحاديث الرسول ﷺ” ج2، ص77 عن عائشة: “أن كانت إحدانا لتفطر في رمضان في زمان رسول الله ﷺ فما تقدر أن تقضيه مع رسول الله ﷺ حتى يأتي شعبان” و “سنن أبي داود” ، ج7، ص32.
فلا يجوز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان آخر من غير عذر؛ لأن عائشة رضي الله عنها – لم تؤخره إلى ذلك الوقت ولو جاز التأخير لأخرته؛ ولأن الصوم عبادة متكررة فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية، فإن أخره عن رمضان آخر، نظرنا: فإن كان لعذر فليس عليه إلا القضاء، وإن كان لغير عذر فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم، وبهذا قال ابن عباس، وابن تعمر، وأبو هريرة، ومجاهد ، وسعيد بن جبير، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق.
وقال الحسن، والنخعي، وأبو حنيفة: لا فدية عليه لأنه صوم واجب فلم يجب عليه في تأخيره فدية؛ لأن الفدية تجب خلفًا عن الصوم عند العجز عن تحصيله عجزًا لا ترجى معه القدرة عادة على الصيام ، كما في حق الشيخ الفاني ولم يوجد العجز؛ لنه قادر على القضاء فلا معنى لإيجاب الفدية عليه مع القضاء. [“الغنى”، ج3، ص144 – 145، “المجموع” ، ج6، ص420 – 421، “البدائع” ، ج2، ص103]