الكُفْر فيه معنى السِّتْر، وَقَد يكُونُ سِترًا ماديًا وَسِترًا مَعنويًا، ومَن السِّتر المَعنوي جحُود النِّعمة، وعدم الاعتراف بالجَمِيلِ، يقول الرَّاغِب الأصْفَهاني في “المُفْرَدات” وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة، والكُفران في جحود النِّعمة أكثر استعمالاً، ثم يقول والكافر على الإطلاق مُتعارف فيمن يَجْحَدُ الوحدانية أو النُّبوة أو الشريعة أو ثلاثتها. وقد يُقال: كَفَرَ، لِمَنْ أَخَلَّ بالشَّرِيعَةِ وَتَرَكَ ما لزمه من شُكْرِ الله عليه. قال تعالى: (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (سورة الروم : 44).
والشِّرْكُ يقول عَْنه الراغِبُ الأصْفَهَاني فيه معنى الاشتراك في شيء مادي أو معنوي، وهو في الدِّينِ ضربان، أحدهما الشِّرك العظيم، وهو إثبات شريك لله تعالى، وهو أعظم كُفْرٍ؛ لأنه جحد الوحدانية، والثاني الشِّرك الصغير، وهو مُراعاة غير الله معه في بعض الأمور وهو الرِّيَاء والنِّفَاق، ومنه قوله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (سورة يوسف : 106) وقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبَّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعَبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (سورة الكهف : 110) محمول على الشِّرْكَيْنِ. وأما قوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (سورة التوبة : 5) فأكثر الفقهاء يحملونه على الكفار جميعًا، وقيل هم غير أهل الكتاب.
والخلاصة: أن الشِّرْكَ كُفْر بوحدانية الله وَعَدم إِخْلاصِ الْعِبَادةِ لله، والْكُفْر يُطْلَق على الشِّرك؛ لأنه جحود بالوحدانية، ويُطلق على من يُكَذِّبُ بالنُّبوة وَعَلَى من يُكَذِّب الشريعة فالكافر أَعَمُّ من المُشْرِك، والكُفار والمشركون مصيرهم النَّار خالدين فيها أبدًا.