رَوى أبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي والترمذي وقال: حديث حسن عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول: “ما مِن رجل يُذنب ذنبًا ثم يقوم فيتطهَّر ثم يُصلِّي ـ أي ركعتين ـ ثم يَسْتغفر الله إلا غُفِرَ لَه”، ثمَّ قرأ هذه الآية: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (سورة آل عمران:135-136).
ورَوى الطبراني في مُعْجَمِه الكبير بسند حسن عن أبي الدَّرْداء أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “مَن توضَّأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلَّى ركعتين أو أربعًا، مكتوبة أو غير مكتوبة، يُحسن فيهنَّ الرُّكوع والسجود ثم استغفر الله غفر له”.
هذه هي صلاة التوبة، والمُهم فيها أن تكون التوبة والاستغفار عقب أية صلاة، فإن الدعاء وطلب المغفرة إذا كان بعد طاعة كصلاة أو قراءة قرآن كان مرجوَّ القَبُول.
فمِن مَعالمِ الإيمانِ الاستِغفارُ والتوبةُ والنَّدمُ والإقْلاعُ عنِ الذَّنبِ، والعَزمُ على عدم العودةِ إليه، وفي ذلك يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّه كانَ إذا سمِعَ حديثًا مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نفَعه اللهُ بهِ ما شاءَ أن ينفَعَه، وإذا ما أخذَ الحديثَ عن أحدٍ مِن أصْحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم استَحْلفَه عَليه، أي جَعلَه يُقسِمُ أنَّ الحديثَ الذي يُحدِّث بهِ أنَّه سمِعَه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فإذا حلَفَ له صدَّقه، وهذا مِن بابِ زِيادةِ التوثُّقِ والتأكُّد وليسَ مِن باب التَّكذيبِ للصَّحابةِ، وقدْ حدَّثه أبو بكرٍ رضيَ الله عَنه حديثًا دُونَ حلِفٍ.
يقولُ عليٌّ في تَحديثِ أَبي بكرٍ له: وصدَقَ أبو بَكرٍ رضيَ الله عَنه، أي: في تَحديثِه له دُونَ حلِفٍ، وهذِه مَنقبةٌ لأَبي بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه، يقولُ أبو بكر في حديثِه الذي حدَّثه بهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ما مِن عَبدٍ يُذنِبُ ذَنبًا، أي: يرتَكِبُ ذنبًا صغيرًا كانَ أو كبيرًا، فيُحسن الطُّهورَ، أي: فيُحسنُ الوُضوءَ، ثم يقومُ فيصلِّي رَكعتَينِ، أي: تكونُ الرَّكعتانِ بِنيَّةِ التوبةِ عن ذَنبهِ هذا، ثم يَستغفِرُ اللهَ، أي: لذلكَ الذنبِ، إلَّا غَفر اللهُ له، أي: إلَّا كانَ حقًّا على اللهِ أنْ يغفِرَ ذنبَه هذا الذي مِن أجلِه تطهَّرَ ثم قامَ فصلَّى ثم استغْفرَ الله مِنه. ثم قرأَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قولَه تَعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.