إن الزنى من الكبائر، ومن السبع الموبقات، يعني المهلكات، التي تهلك الزناة في الدنيا وفي الآخرة، وقد قال الله تعالى: “وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً”، ولو أن الأحكام الشرعية مطبقة؛ لكان الأخذ من الزاني غير المتزوج أن يجلد مائة جلدة بلا رحمة، كما قال الله تعالى: “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ”، ولو كان الزاني متزوجًا، فكان لا بد أن يرجم بالحجارة حتى الموت على رؤوس الأشهاد، أما عقوبة الزاني عند الله فهي شديدة، ويكفي أن الزنى يهلكه بالعذاب الأليم في الآخرة.
اللهم إلا إذا تاب ورجع إلى الله، فإذا تاب توبة نصوحًا على معنى أنه ندم على ما فعل، وعزم عزمًا أكيدًا على أنه لن يعود إلى هذه المعصية أبدًا، ولم يَعُد فعلاً، فيتوقع أن الله تعالى قد قبل توبته، كما قال تعالى: “إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء”.
أما مسألة أن الزنى ينعكس على الأسرة، فيمكن أن ينتقم الله من الزاني في أمه أو في بنته أو في أخته، فهذا كلام غير صحيح؛ لأن الله تعالى يقول: “وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى”، فلا يتحمل بريء ذنب مجرم ارتكب جريمة، والحساب فردي وليس جماعيًّا، فكل إنسان مسؤول عن نفسه، ولا يتحمله غيره ذنوبه، كما قال تعالى: “كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِين”.
وبناء على ذلك فمن يقول إن الزنى ينتقل إلى أم الزاني أو إلى أخته أو إلى بنته، هذا القول غير صحيح شرعًا، فما ذنب الأم، وما ذنب الأخت، وما ذنب البنت، والله تعالى لا يعاقب أحدًا بريئًا بذنب الآخر، ولكن على من وقع بالزنا أن يستغفر الله عز وجل وأن يندم، فعليه حق لله تعالى؛ لأنه خالف النهي القرآني، وعليه حق للعباد، من حيث أنه هتك عرض امرأة أجنبية لا تحل له.