ينبغي للمُؤمِنِ ألَّا يخوضَ في صِفاتِ اللهِ سُبحانَه وتعالى، وأن يتوقَّفَ عند حُدودِ ما أخبر به اللهُ ونبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا يَقِفَ عند المتشابِهاتِ، بل يتمَسَّكُ بالمُحكَماتِ.
والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخبِرُ أنَّ اللهَ تعالَى خلَق آدَمَ عليه السَّلامُ على صُورةِ الرَّحْمَنِ، وليس المعنى: التَّشبيهُ والتَّمثيلُ، بلِ الصُّورةُ الَّتِي للهِ لا يحيطُ بعِلْمِها وكيفيَّتِها مخلوقٌ، فنُثبِتُ له سُبحانَه ما أثبته لنَفْسِه دون تعطيلٍ أو تكييفٍ أو تشبيهٍ.
وقد أخْبَر النَبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللهَ تعالَى خَلَق آدَمَ طُولُه سِتُّونَ ذِراعًا، وأنَّ كُلَّ من يدخلُ الجنَّةَ سيكونُ على صُورةِ آدَمَ في الحُسْنِ والجَمالِ وطُولِ القامةِ، وأخبر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ ذُرِّيَّتَه لم يَزَلْ يَنقُص طُولُها مِن عَهدِ آدَمَ عليه السَّلامُ إلى عَهدِ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
معنى حديث خلق الله آدم على صورته
خلق الله آدم على صورته ،لا يفهم منها أن الله خلق آدم على صورته تعالى ،وإنما على صورة آدم التي خلق عليها،وقيل:على صورته ،يعني فيه بعض الصفات المتصف بها رب العزة مع فارق حقيقة الصفة بين العبد وربه ،فإن الله سميع بصير،وقد خلق لآدم سمعا وبصرا،ولكن سمع الله وبصره ليس كسمع العباد وبصرهم ،ومن هنافإنه تزول الشبهة في هذا الحديث من حيث الفهم ،وهو حديث صحيح .
ولا تعارض بين خلق الله آدم على صورته ،وبين قوله تعالى :(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
ما صحة حديث خلق الله آدم على صورته
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
الحديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته وفي لفظ آخر: على صورة الرحمن وهذا لا يلزم منه التشبيه والتمثيل، بل المعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا متكلما إذا شاء، وهذا هو وصف الله عز وجل، فإنه سميع، بصير، متكلم، ذو وجه جل وعلا، وليس المعنى التشبيه والتمثيل، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع، بصير، ذو وجه، ومتكلم إذا شاء، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا، ذا وجه، وذا يد، وذا قدم، ويتكلم إذا شاء. لكن ليس السميع كالسميع، وليس البصير كالبصير، وليس المتكلم كالمتكلم، وليس الوجه كالوجه. بل لله صفاته سبحانه وتعالى لا يشابهه فيها شيء، بل تليق به سبحانه، وللعبد صفاته التي تليق به؛ صفات يعتريها الفناء والنقص والضعف.
أما صفات الله سبحانه وتعالى فهي كاملة لا يعتريها نقص ولا ضعف ولا فناء ولا زوال؛ ولهذا قال عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فلا يجوز ضرب الوجه، ولا تقبيح الوجه.
والمعنى عند أهل العلم أن الله خلق آدم سميعا بصيرا ، متكلما إذا شاء ، وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء ، وله وجه جل وعلا .
وليس المعنى التشبيه والتمثيل ، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء ، وهكذا خلق الله آدم سميعا بصيرا ذا وجه وذا يد وذا قدم ، لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر ، وليس المتكلم كالمتكلم ، بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء ، ولهذا قال عز وجل : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى / 11 ، وقال سبحانه : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) الإخلاص / 4 ، فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح الوجه ) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ