السحر ليس هو السبب الوحيد لوجود المشاكل بين الزوجين، بل قد لا يكون للسحر سبب مطلقا في المشكلة، فقد يكون ما بين الزوجين أسبابه كثرة الصراع بينهما ـ مثلا ـ أو تبدل الظروف المادية أو المعنوية أو ظهور بعض الأمور التي جعلت النفور بينهما يحل محل الوفاق، وقديما قالوا الوقوف على أسباب المشكلة هو أول الطريق في علاجها.
فنصيحتنا هي على الزوجين دراسة مشكلتهما بعناية وأن يتلمسوا الأسباب التي أدت إلى المشاكل بينهما.
وهل باستطاعة الزوج إزالة هذه الأسباب؟
وهل هناك ظروف خارجية تدفع الزوجة للنفور؟
وهل هناك ضائقة مادية يمر بها الزوج تؤثر عليه؟
ويجب سرد هذه الأسئلة وغيرها حتى يستطيع الزوجين أن يصلوا إلى جملة الأسباب التي أدت إلى النتيجة التي هم عليها، وبمعرفة السبب يمكن علاجه وبالاستعانة بالله عزوجل سيعود الزوجين إلى سابق عهدهما بإذن الله سبحانه وتعالى من جميل العشرة وحسن الخلق.
من تخوف من السحر فإن طرق إبطال السحر كثيرة نذكر منها :
أ –الرقى ، وأعظم ما تكون بالقرآن الكريم ، ثم بالأدعية الصحيحة الثابتة في السنة النبوية .
ب –استخراج السحر وإبطاله .
قال ابن القيم رحمه الله : ذكر هديه ـ ﷺ ـ في علاج هذا المرض وقد روي عنه فيه نوعان :
أحدهما وهو أبلغهما: استخراجه وإبطاله كما صح عنه ﷺ أنه سأل ربه سبحانه في ذلك فدل عليه فاستخرجه من بئر فكان مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما أنشط من عقال فهذا من أبلغ ما يعالج به المطبوب وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد .
ج.الحجامة والاستفراغ والجراحة .
قال ابن القيم – متمما كلامه السابق – : والنوع الثاني الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة وهيجان أخلاطها وتشويش مزاجها فإذا ظهر أثره في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جدّاً . أ.هـ ” زاد المعاد ” (4/124 ، 125) .أهـ
إلى أين يذهب المسحور :
فاذهب إلى الله يا أخي وقل(إني ذاهب إلى ربي سيهدين)
ولا يجوز الذهاب إلى أولئك السحرة المنافقين الذين يدعون أن معهم جنا مسلما يساعدهم فى الخير ، فالواقع أثبت ـ عن تجربة ـ أنهم شياطين .
وأما الكتيبة فلا أصل لها ، وإن وجدت فهي كتيبة الشياطين .
علاج السحر بما يوافق الشرع ، وبما أفاد الكثيرين :
قال تعالى: ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا ).
ويقول سبحانه وتعالى:( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ، وإنهم ليصدونهم عن السبيل..).
وقال تعالى: ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ).
وقال تعالى عن السحرة: ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ) …..
فالجأ إلى الله سبحانه وتعالى أيها المسلم فهو الحفيظ :
1ـ حافظ على الصلوات فى أوقاتها ، وفى جماعة ما أمكنك .
2ـ واظب على أذكار الصباح والمساء والأذكار الأخرى مثل أذكار الدخول والخروج واللبس والخلع والطعام والشراب ودخول الحمام…
وكثرة الاستغفار والصلاة على النبى ﷺ وقول( لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ،وحسبنا الله ونعم الوكيل).
3ـ قراءة سورة البقرة كاملة يوميا أو استماعها .
4ـ عدم استماع الأغانى وعدم التدخين والتبرج(للمرأة)… وسائر المعاصى.
جاء في مسند أحمد وصحيح مسلم والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال “لا تجعلوا بيوتكم قبورا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان” وقال الترمذي حسن صحيح.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام حدثني ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: “إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه.
وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله ﷺ “إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن البقرة وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخله شيطان ثلاثة أيام” رواه أبو القاسم الطبراني وأبو حاتم وابن حبان في صحيحه.
وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ خُبَيْب بضَمِّ الْخَاءِ المُعْجَمَةِ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قال لي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اقْرأْ : قُلْ هوَ اللَّه أَحَدٌ ، والمعوِّذَتَيْن حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصبِحُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كلِّ شَيْءٍ » . رواهُ أَبو داود والترمذي وقال : حديثٌ حسن صحيح .
وعنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ : قالَ رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كلِّ يَوْمٍ ومَسَاءٍ كلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَع اسْمِهِ شيء في الأرضِ ولا في السماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعلِيمُ ، ثلاثَ مَرَّاتٍ ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيءٌ » رواه أبو داود ، والتِّرمذي وقال : حديث حسن صحيح .
ويجب على المسلم أن لا يلجأ إلى أحد من البشر ويحرم عليه أن يلجأ إلى السحرة لفك السحر . ولا إلى من يدعون أنهم على خير من الدجالين. أهـ
كما يمكن فك السحر ، وكذلك الوقاية من السحر قبل وقوعه عن طريق شرب ماء زمزم فماء زمزم لما شرب له ، وكذلك بالرقية الشرعية.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد :
لماء زمزم فإنه ماء مبارك وقد ورد في فضله أحاديث منها قوله ﷺ في الحديث الذي رواه مسلم (2473) : ” ..إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ .. ” . وفي رواية أبي داود الطيالسي بإسناد صحيح : ” إنها طعام طعم وشفاء سقم ” .
وفي حديث آخر حسنه جماعة من العلماء منهم الإمام ابن عيينة والألباني وابن القيم وغيرهم بكثرة طرقه أن النبي ﷺ قال : ” ماء زمزم لما شرب له . أخرجه أحمد ( 3 / 357 ، 372 ) وراجع أقوال العلماء فيه في الإرواء ( 4 / 320 ، وما بعدها ).
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله : ” وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة ، واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن الله ، وشاهدتُ من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبا من نصف شهر أو أكثر ولا يجد جوعا . ” زاد المعاد (3 / 129 ) .
فهي لاشك سبب عظيم من أسباب الشفاء من السحر وغيره من الأمراض بإذن الله ، إذا شربها الشخص مصدقا بكلام الرسول ﷺ ، وأراد الله له الشفاء بها ، فإن الله قد يعطل بعض الأسباب عن مسبباتها لحكمة ، كما لو شرب المريض الدواء المجرّب فلم يبرأ ، فليس ذلك عيباّ في الدواء ، وإنما هو قدر الله الذي لم يكتب النفع في هذا الدواء، لحكمة يعلمها سبحانه .
ـ وأما ما يتعلق بأنواع الرقية ،فقد ذكر العلماء أن الرقية حتى تكون صحيحة مقبولة شرعا لابد لها من ثلاثة شروط إجمالا :
الأول : أن لا يعتقد الراقي أو المرقي أن الرقية تنفع بنفسها، فهذا شرك بالله ؛ بل يعتقد أنها سبب لا تنفع إلا بإذن الله .
الثاني : أن لاتكون الرقية مشتملة على مخالفة شرعية كدعاء غير الله أو الاستغاثة بالجن والشياطين ، وما أشبه ذلك ، فتكون شركا والعياذ بالله .
الثالث : أن تكون مفهومة معلومة فإن كانت مشتملة على طلاسم وشعوذة ، فإنها لاتجوز .( انظر القول المفيد للشيخ ابن عثيمين 1 / 184 ) .
فإذا سلمت الرقية من هذه المخالفات صحت بأي شكل كانت ، فلو قرأ على المريض مع النفث أو بدون نفث ، أو قرأ على ماء وشربه المريض ، أو زيت وادّهن به المريض ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا جائز وهو نافع بإذن الله وفضله . أهـ
ولا يجوز بأي حال من الأحوال الذهاب للعرافين والدجالين لأن هذا لا يجوز.
يقول أ د على محيي الدين القره داغي:
لا يجوز إتيان السحرة و المشعوذين وقد لُعن العرافون والمنجمون وحرم الإسلام كل أنواع الشعوذة والطلاسم ونحوها فمحاربة الخرافة والشعوذة واجب إسلامي يدخل في صميم عقيدتنا.أهـ
والواجب على كلا الزوجين أن يلتمسا سبب المشاكل بينهما من خلال التفكر في أفعالهما فلعل معصية الله سبحانه وتعالى وعدم طاعته سبحانه وتعالى وعدم إلتزام أوامره هي السبب الحقيقي وراء المشاكل الزوجية ولا يكون الأمر سحرا أبدا ، والدنيا في عصرنا الحالي مليئة بالملهيات التي تبعد الإنسان عن ربه، فلعل الوقف عند حدود الله وطاعته والتزام أوامره تكون بإذن الله تعالى سببا قوية لعودة العلاقة بين الزوجين وسعادتهما وتماسك الأسرة وعدم تفككها.