قال تعالى : (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) (سورة الكهف : 46): إنَّ العَطْفَ بالواو لا يقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا، كما قال علماء اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم المُعجِز.
فالمال والبنون يشتركان في حُكم واحد في الآية، هو زينة الحياة الدنيا، سواء قُدِّم المالُ على البنين في الذِّكر أو أُخِّر، فالواو لمُطلق الجمع بينهما.
ولعلَّ ـ والله أعلم ـ تقديم المال على البنين هو مُشاكلة لما حدث في قصة الرجل صاحب الجنتين الذي افتخر بهما على صاحبه.
وقدَّم في فخره المال على الولد، حيث قال القرآن: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا) (سورة الكهف : 34) وردَّ على صاحبه بعد ذلك بقوله: (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ) (سورة الكهف : 39-40) واستمر الحديث بعد ذلك عن المال وهو الجَنَّة التي أحرقها الله، وجاءت الآية التي تضرب المَثَل بعد ذلك مُتحدثة عن المال، فالتركيز أكثر على المال.
فناسب أن يُخبر الله عن زينة الحياة الدنيا مُقَدِّمًا المال الذي كان الاهتمام به كبيرًا، ثم إن المال هو الذي يساعد على الزواج الذي يأتي منه البنونَ المُحْتَاجون في تربيتهم أولاً إلى المال، هذا ما بدا ولعلَّه يكون مَقْبُولاً وأسرار القرآن المُعْجِز يعلمها الله سبحانه وتعالى.