قال الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
في اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان المعظَّم سنة ثمان وخمسين وستمائة وقعت معركة “عين جالوت” التي انتَصر فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا على التتار المخرِّبين المدمِّرين، الذين اجتاحوا بلاد الإسلام في القرن السابع الهجري، وفعلوا من المآثم والمظالم ما تقشعرُّ منه الأبدان؛ وعين جالوت بلدة من أعمال فلسطين، وهي تقع بين بيسان ونابلس.
وبطل هذه المعركة الجليلة هو السلطان المظفر سيف الدين قطز بن عبد الله المعز، الذي تولى الحكم في مصر يوم السبت السابع عشر من شهر ذي القعدة سنة سبع وخمسين وستمائة، وكان صلاح الدين يوسف قد أرسل إلى قطز يستعين به في مقاومة التتار؛ لأن هذا واجب المسلمين جميعًا إذا احتل العدو أرض الإسلام.
وأخذ السلطان قطز يستعد للمعركة، وأمر بالتقشف والتخفف في شهر المعركة، وهو شهر رمضان، وأمر ألا تقام موائد إفطار فيها إسراف، بل يُفْطر كل واحد على قطعة من اللحم فحسب.
وزحف السلطان بجيشه إلى عين جالوت، حيث كانت جموع التتار محتشدة هناك، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان قامت المعركة عنيفةً بين الفريقين، وتقاتلوا قتالاً شديدًا لم يَرَ الناس مثله، واشتد الأمر في بدء المعركة على المسلمين، فاقتحم السلطان قطز ميدان المعركة، وباشر القتال بنفسه، وأبلى في ذلك اليوم بلاءً حسنًا، ثم اشتد القتال، فأخذ السلطان يهتف في يقين وإيمان: “يا الله، انصر عبدك قطز على التتار.
ومع أنه فاز وانتصر، وكسب المعركة، وتألَّق قائدًا حكيمًا، وبطلاً فاتحًا، كان يفخر بنعمة الإسلام كل الفخر، ويقول: ما أنا إلا مسلم ابن مسلم.
وهكذا شَهِدَ شهر رمضان المبارك في سنة ثمان وخمسين وستمائة نصرًا مؤزَّرًا خالدًا باقيًا، في معركة كسبت مجدًا عظيمًا في تاريخ الإسلام والمسلمين، وهي معركة “عين جالوت” في أرض فلسطين الغالية، ردها الله على العرب والمسلمين.أ.هـ