دخل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بيت المقدس يوم الاثنين، وأقام بها إلى يوم الجمعة ، وخطب خطبة الجمعة هناك .ثم أقام ببيت المقدس عشرة أيام، وارتحل بعد أن كتب لأهله عهداً ، وأقرهم في بلدهم على الجزية، وسار بمن معه في العساكر إلى الجابية، فأقام بها ودوَّن الدواوين ، وأخذ الخمس الذي للّه مما أفاء اللّه على المسلمين، ثم قسَّم الشام إلى قسمين فأعطى أبا عبيدة من حوران إلى حلب ويليها، وأمره بالمسير إلى حلب ، وأن يقاتل أهلها إلى أن يفتحها اللّه على يديه، وأعطى أرض فلسطين وأرض القدس والساحل ليزيد بن أبي سفيان، وجعل أبا عبيدة والياً عليه.
عهد الفاروق عمر لأهل بيت المقدس:
ذكر الشيخ رشيد رضا في كتابه : “عمر بن الخطاب” نص معاهدة الفاروق عمر لأهل بيت المقدس نقلاً عن الطبري في كتابه : “تاريخ الأمم والملوك” فقال:
هذا نص عهد أهل بيت المقدس الذي أعطاه لهم عمر بن الخطاب:
“بسم اللّه الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد اللّه عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها ،وسائر ملتها. إنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ،ولا ينتقض منها ،ولا من خيرها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم. فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلى بِبَعِهم وصلبهم؛ فإنهم آمنون على أنفسهم ،وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم.
ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان فمن شاء منهم قعد ، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فلا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم .
وعلى ما في هذا الكتاب عهد اللّه وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
شهد ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية ابن أبي سفيان .وكتب وحضر سنة خمسة عشر”.