الجن خلق من خلق الله تعالى يجب علينا الإيمان بوجودهم، لأن الله تعالى ذكرهم في القرآن في آيات كثيرة ، بل خصهم بسورة تسمى سورة ( الجن ) ووجودهم متفق عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وجماهير الأمم يقرّ بالجن ولهم معهم وقائع يطول وصفها، ولم ينكر الجن إلا شرذمة قليلة من جهّال المتفلسفة والأطباء ونحوهم ” مجموع الفتاوى. انتهى.
وقدراتهم تفوق قدرات الإنسان ، كما قال تعالى : ( قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِك ) النمل /39 ، وبين سليمان عليه السلام وملكة سبأ مسافة بعيدة ، وقد أقدرهم الله على التشكل والطيران وغير ذلك ، لكنهم مع شدة قوتهم لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين ، قال تعالى : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) الإسراء /65 ، وقال : ( وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ) سـبأ /21 .
بل يعترف الشيطان بهذه الحقيقة فيقول : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين ) الحجر /39 – 40 ، وإنما يتسلط على العباد الذين يرضون بفكره ويتابعونه عن رضا وطواعية ، كما أخبر الله بذلك فقال:
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين َ) الحجر/42
وقد يسلطهم الله على المؤمنين بسبب ذنوبهم ، كما قال ﷺ : ( إن الله تعالى مع القاضي ما لم يَجُرْ ، فإذا جار تبرّأ منه وألزمه الشيطان ) رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني في صحيح الجامع 1823.
والجَوْر عدم العدل.
والمسلم يجب أن يكون قبل كل شيء متسلحاً بسلاح الإيمان والعمل الصالح لأنهما خير زادٍ له وخير وسيلة لدحر كيد شياطين الإنس والجن.
وعلى المسلم أن يوثق حبله مع الله تعالى ، فإنه الركن الذي يركن إليه. وليكثر من ذكر الله تعالى على كل حال ، وليحرص على أن لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى ، فإن الإنسان لن يعصم من الشيطان بمثل ذكر الله تعالى . فقد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، وكان منها: (وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ) . رواه الترمذي (2863) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ويجب المحافظة على الأذكار الواردة عن النبي ﷺ ، كالذكر عند دخول الخلاء وعند الجماع وعند سماع نهيق الحمار وعند دخول البيت وفي الصباح والمساء وعند النوم . . وغير ذلك من الأحوال والأوقات التي ورد فيها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر معين.
وهي مجموعة في كتب الأذكار ككتاب الأذكار للنووي ، والكلم الطيب لابن تيمية، وحصن المسلم للقحطاني.
كما يجب الإكثار من قراءة القرآن في البيت “لاسيما سورة البقرة في البيت ، فقد روى أحمد (7762) ومسلم (780) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ [ولفظ أحمد : يَفِرّ] مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ).
ويجب أيضاً أن يطهّر بيته من كل شيء فيه معصية لله تعالى ، مثل اقتناء الصور والكلاب ، فقد روى أبو طلحة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه البخاري (3322) ومسلم (2106 )
فإن خلت البيوت من الملائكة كانت مرتعاً ومسكناً للشياطين.
أما قراءة سورة المزمل،والملك عند النوم فقد ورد ما يدل على استحباب قراءة سورة الملك قبل النوم ،روى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
أما سورة المزمل فلم يرد ما يدل على استحباب قراءتها قبل النوم.