ضمير الغائب كسائر الضمائر مَبْنِيٌّ، وقد يكون في محَلِّ الرفْع أو النصب أو الجر، وهو إما منفصل مثل: “هو الله”، “وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ”، وإما متَّصِل مثل:
” قَوْلُهُ الحَقُّ”، “مَوْعِدُهُمُ الصُّبْحُ” ، والمتصل إذا كان في محلِّ نصب كان مَضمومًا في المفرد المذكر والمثنى والجمع بنوعَيْهما، ومَفْتوحًا في المُفْردة المُؤَنَّثة مثل: إنه، إنَّها، إنَّهما، إنَّهُنَّ، وإذا كان في مَوضع جرَّ فإما أن يكون الجر بالإضافة، وإما أن يكون بدخول حرف الجر عليه، فإن كان بالإضافة يكون مضمومًا في المفرد المذَكر والمثنَّى والجمع بنوعَيْهما، ومفتوحًا في المفردة المؤنثة. وإذا كان آخر المضاف مرفوعًا، مثل: هذا كتابه، كتابها، كتابهم، كتابهن، وكذلك إذا كان آخر المضاف منصوبًا مثل إن كتابه، كتابها، كتابهما، كتابهم، كتابهن.
أما إذا كان آخر المضاف مجرورًا كان الضمير مكسورًا في كلِّ أحواله مفتوحًا في المفردة المؤنَّثة مثل في بيته، بيتها، بيتهما، بيتهم، بيتهن. وإنْ كان الجر بدخول حرف الجر عليه فحركة الضمير تختلف باختلاف آخر الحرف، فهو مضموم فيما عدا المفردة المؤنثة، مع من، عن. ومكسور فيما عدا المفردة المؤنَّثة، مع الباء وإلى وعلى. والأمثلة مع على: (وَسَلامٌ عَلَيْهِ) (سورة مريم: 15) (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) (سورة النساء:69)، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَة الفَتْحِ: ( وَمَنْ أَوْفَي بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) بِضَمِّ الهاء، فقال بعض العلماء إِنَّه استثناء من الأصل؛ لأن اسم الجلالة وهو “الله” إذا سُبق بمجرور أو مكسور كان النطق به مرققًا وليْس مفخَّمًا كَمَا هُو الحَال فيما إذا كان قبْله فتح أو ضم، وفي مقام العهد مع الله الذي يَقْتضي إظْهار قوة الله وعظمته في النطق بأسمائه كان ضمُّ الضمير في “عليه” ليكون النطق بلفظ الجلالة مفخَّمًا لا مرققاً”. وقال آخرون: هناك لُغَتان في “عَلَيْهِم” لغة بكسر الهاء ولغة بضمها، وضمير المفرد المذكر يَجيء على مثال الجمع، فما كُسرت فيه الهاء في المفرد فهو على لُغة، وما ضُمت فيه فهو على لغة أخرى، واللغتان عربيتان، والقرآن كلُّه عربي.