الله سبحانه وتعالى “لا يُسألُ عما يفعل” وأفعاله سبحانه لا تصدر إلا عن علم وحكمة، قد تبدو ظاهرة جلية وقد لا تدركها عقولنا، ومن حكمة خلق الشيطان أنها امتحان وابتلاء لبني البشر “ليميز الله الخبيث من الطيب” وصدق الله العظيم “أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين”
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر –رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-:
خَلَقَ الله الشياطين ليَمْتَحِنَ بها بني آدم هل يستجيبون لأمر الله أو لأمر الشيطان، وإيمان المُؤْمِن لا تكون له قيمته إذا كان نابعًا منه ذاتيًا بحُكم أنه خُلِق مؤمنًا كالملائكة، فإن استقر الإيمان بعد الانتصار في معركة الشيطان الذي أقْسَم أن يغوي الناس أجمعين كان جزاء هذا المؤمن عظيمًا؛ لأنه حصل بتعب وكَدٍّ ومجاهدة، دفع بها أجر الحصول على تكريم الله له.
والحياة الدنيا لابد فيها من معركة بين الخير والشر، لتتناسب مع خلق الله لآدم على وضع يتقلب فيه بين الطاعة والمعصية، وقد تزعَّم الشيطان، هذه المعركة انتقامًا من آدم الذي طُرِدَ من الجنَّة بسبب عدم السجود له فقال: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم . ثُمَّ لآتيَنَّهُمْ مِنْ بَيْن أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين) (سورة الأعراف : 16،17).
وحذَّر الله الإنسان من طاعة الشيطان فقال: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) وقال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدوًا) (سورة فاطر: 6).
فمُجاهدة الشيطان بعصيانه لها ثواب، ووجوده يساعد على الحركة القائمة على المُتقابلات، والحركة سِر الحياة، وقد سُئِل أحد العلماء: لماذا خَلَقَ الله إبليس فقال: لنتقرب إلى الله بالاستعاذة منه وعصيانه، فكلُّ شر فيه خيرٌ ولو بقَدْر.