الزكاة واجبة على المحاصيل الزراعية كما جاء في قوله تعالى (وهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ والنَّخْلَ والزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ، كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ) (الأنعام: 141).
ومن المعلوم أن المحاصيل قد تُصرف عليها مصاريف في الرَّي والتَّسميد والتَّنقية والحصاد وغير ذلك، فهل تُخصم هذه المصاريف من المحصول، وتُخرَج الزكاة عن الباقي؟
لا يجوز هذا الخَصم عند جميع الأئمة المعروفين، وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى، لكنْ جاء عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ أن الزَّكاة تَكُون على ما بَقيَ بعد استقْطاع التَّكاليف، ونقله ابن حزم عن عطاء بن يسار.
ولعل وجهة نظرهم أن الرسول ـ ﷺ ـ جعل الزكاة على الزروع والثمار التي تُسقى بماء السماء العُشر، أما التي تُسقى بتعب ومصاريف للسَّواقي والماكينات وغيرها فالزَّكاة نصْف العشر.
ويَحصُل في بعض المناطق التي تعتمد على المطر في زراعة القمح والشعير أن يشتطَّ العمال المدرَّبون على أعمال الزراعة، في تقدير أجرهم كنصف المحصول، وهنا يمكن العمل برأي ابن عمر وابن عباس وعطاء في هذه الحالة، وكلُّ هذا مع مراعاة قول الله تعالى (ولا يَحْسَبَنَّ الذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ هُو خَيْرًا لَهُمْ، بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُم) (آل عمران: 130)، وقوله تعالى (ومَا أَنْفَقْتُم من شَيْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: 39).