للصائم المتطوع أن يتم صومه وهو الأفضل، ويجوز له أن يقطع تطوعه ولا شيء عليه، كما لا يلزم المتطوع بأي عبادة نافلة القضاء، ويستثنى من ذلك الحج والعمرة لأن المسلم إذا شرع بحج أو عمرة فيجب عليه إتمامهما بلا خلاف بين العلماء .
يقول الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ
الذي عليه جمهور الفقهاء أن ذلك ليس واجباً وإنما هو في دائرة الاستحباب وقد ورد عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة تفيد ذلك منها :
1. عن عائشة رضي الله عنها قالت :( دخل عليّ رسول الله يوماً فقال هل عندكم شيء ؟ فقلت لا قال : فإني صائم ثم مر بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله أهدي إلي حيس فخبأت لك منه قال : أدنيه أما إني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال لنا : إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ) رواه مسلم وأبو داود والنسائي واللفظ له .
الحيس: هو التمر مع اللبن ويمزجا بالسمن كما في المصباح المنير 1/159 .
2. عن أم هانيء رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ :( دخل عليها فدعى بشراب ثم ناولها فشربت فقالت يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله ﷺ : الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وأحمد والبيهقي وضعفه الترمذي وغيره إلا أن الحديث يتقوى بكثرة طرقه كما قال الشيخ الألباني .
وقال النووي إسناده جيد وقال الحاكم صحيح ووافقه الذهبي وقال الحافظ العراقي إسناده حسن .
3. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :( صنعت للنبي ﷺ طعاماً فلما وضع قال رجل : أنا صائم فقال رسول الله ﷺ دعاك أخوك وتكلف لك أفطر وصم مكانه إن شئت ) رواه البيهقي وإسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح 5/112 .
4. عن أبي جحيفة قال:( آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال كل فإني صائم فقال سلمان ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل فلما ذهب الليل ذهب أبو الدرداء يقوم . قال سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم فقال سلمان نم فلما كان آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا فقال سلمان : إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فأتى أبو الدرداء النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال النبي ﷺ : صدق سلمان ) رواه البخاري وغيره .
وخلاصة الأمر : أن المتطوع أمير نفسه فيجوز له أن يتم وهو الأفضل ويجوز له أن يقطع تطوعه ولا شيء عليه فلا يلزمه القضاء وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة ونقل عن جماعة من الصحابة كعمر وابن عباس وابن مسعود وجابر رضي الله عنهم أجمعين .
إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه استثني من هذا الحكم الذي ذكرته الحج والعمرة فإذا شرع المسلم بحج أو عمرة فيجب عليه إتمامهما بلا خلاف كما قال النووي :[ وأما إذا دخل في حج تطوع أو عمرة فإنه يلزمه إتمامها بلا خلاف ] المجموع 6/393 .