اهتم الإسلام اهتماما بالغا بالأسرة، وتجلى هذا الاهتمام المميز في وفرة التشريعات الإسلامية، التي تتناول وتعالج كل شؤون الأسرة، في مختلف الجوانب، وحول أدق التفاصيل، فيما يرتبط بتأسيس الأسرة وتكوينها، وطريقة إدارتها، وتحديد خريطة الحقوق والواجبات لأعضائها، ومعالجة المشاكل والعقبات التي قد تواجهها، وتعزيز موقعيتها في المجتمع، وحمايتها من التفكك والتصدع.

-ويشتمل القرآن الحكيم، على عدد كبير من الآيات الكريمة، التي تتناول موضوع الأسرة كأطر مفاهيمية، وأحكام تشريعية، ونماذج تاريخية للعبرة والإقتداء.

-كما تتضمن مصادر الحديث والروايات الإسلامية، عدداً هائلاً من النصوص المرتبطة بشأن الأسرة، في أبعادها المختلفة.

-وفي كتب الفقه والتشريع الإسلامي، يحتل موضوع الأسرة مساحة كبيرة واسعة، يلحظها كل مطلع على التراث الفقهي.

فما هي المظاهر التي جعلت للأسرة في الإسلام كل هذه الأهمية:

1 – تلبية الأسرة لحاجتها الفِطرية، وضروراتها البشرية، والتي تكون موافقة لطبيعةِ الحياةِ الإنسانيةِ، مثلَ: إشباع الحاجاتِ الجسميةِ والمطالب النفسية، والروحية والعاطفية.

2 – تحقيق معان اجتماعية لا يمكن أن تتحقق إلا مِن خلالِ الأسرة، مثل: حفظ الأنساب، والمحافظة على المجتمعِ سليما من الآفات والأمراض النفسية والجسمية وتحقيق معنى التكافل الاجتماعي.

3 – غرس الإسلام الفضائل الخُلقية والخلال الحميدة في الفرد والمجتمعِ.

لذا أسّس القرآن الكريم الأسرة على أسسٍ ثابتة أهمها:

– أن أصل الخَلق واحد، وأن الرجل والمرأة من منشأ واحد، قال اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ (النساء:1).

-تقوم الأسرة على العدالة والمساواة لكل فرد من أفرادها بما له من حقوق، وما عليهِ مِن واجباتٍ، قال اللهُ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (البقرة: 228)

وتتنوع تلك الوظائف تنوعًا يشمل جوانب الإنسان:

فمن الناحية البيولوجية تعتبر الأسرة الملاذ المباشر لتوفير الرعاية البدنية والصحية والمسكن والغذاء لأفرادها.

وتبرز أهمية الأسرة من قيامها بوظيفة ذات أهمية كبرى وهى الوظيفة التربوية، سواء كان ذلك دينيًّا، أو علميًّا، أو جسميًّا، أو خُلُقيًّا.

ويكون ذلك من خلال التنشئة على القيم الصحيحة، والأخلاق الرفيعة، والعادات والتقاليد النافعة.