السحر حقيقة، وله أعراض تظهر على المسحور، كعدم القدرة على جماع زوجته، أو يخيل إليه أنه فعل أشياء وفي الحقيقة هو لم يفعلها، وكثيرا ما يحدث للمسحور اضطرابات نفسية أو جسدية، ولكن ظهور هذه الأعراض ليس معناه وجود سحر يقينا، فقد يكون سبب هذه الأعراض هو مرض نفسي أو عضوي.
يقول سماحة المستشار فيصل مولوي –نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث-:
الحق أن العلماء اختلفوا في حقيقة السحر وتأثيره على الإنسان فقال جماعة من العلماء: أنه لا وجود للسحر وإنما هو وهم وتخييل من قبل الساحر، وأنه لا يضر إلا أن يستعمل الساحر سماً أو دخاناً يصل إلى بدن المسحور فيؤذيه، وهو قول المعتزلة، وأبو بكر الجصاص من الحنفية والبغوي من الشافعية، ودليلهم قوله تعالى: (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ…) – الأعراف: 116-. وقوله تعالى: (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) -طه: 66-.
وجمهور العلماء ذهب إلى أن للسحر تأثير على الإنسان، وأدلتهم كثيرة في الكتاب والسنة.
أما كيف يعرف الإنسان أنه مسحور، فهو أمر يقع فيه الناس في وهم كبير، فيظن أحدهم إذا أحس شيئاً غير مألوف أنه مسحور، وقد يكون هذا الأمر، عادياً جداً، وعلى العموم للسحر أنواع مختلفة منها ما يتعلق بخفة اليد ويسمى الشعوذة، ومنها ما يتعلق بالرقى والتمائم وتسمى النُشرة والعزيمة، والتنجيم، وغير ذلك ثم إن الناس يخلطون بين هذه المفاهيم وبين أمور أخرى كالعين ومس الجن وما إلى ذلك.
ليس هناك وسيلة حاسمة لمعرفة ما إذا كان الإنسان مصاباً بسحر أو عين. وفي الغالب الأعم يصاب الإنسان بأمراض نفسية عضوية فيتوهم أنها من قبيل السحر أو مس الجن أو غير ذلك، لكن المصاب عادة بالسحر أو العين يتعرض لاضطرابات نفسية، وربما جسدية أيضاً، ويظهر عليه تغير في العواطف غير مألوف أو غير متوقع.
والمحافظة على الأذكار والرقى المأثورة من أهم عوامل الوقاية من هذه الآفات، فلتكن ثقة المؤمن بربه قوية، وليبعد عن فكره الأوهام، فإن ذكر الله عامل مهم في طمأنة النفوس، وهذه الأذكار لها مواضع وأوقات مخصوصة، فلا ينسها المسلم في يومه وليلته وفي كل حركته في الحياة. ا.هـ
ويقول الشيخ عصام الشعار:
السحر: هو عُقَدٌ ورقى وكلام يتكلم به الساحر أو يكتبه ليعمل شيئاً في بدن المسحور أو عقله من غير مباشرة له.
والسحر حقيقة وهو ثابت بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ وإجماع من يعتبرون في الإجماع، قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) –الفلق:4- يعني: السواحر اللاتي ينفثن في عقدهن، وقال تعالى: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) -طه: 69-.
وقد ثبت في صحيح الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي ﷺ سحر حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله)، وفي رواية أخرى قالت: (حتى يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن).
والسحر له تأثير على المسحور، ولا علاقة لتأثير السحر بصلاح المرء أو فساده، فقد يكون المرء من عباد الله الصالحين، ومع هذا يصيبه السحر، ويكون هذا نوع ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، كغيره من أنواع البلاء التي تصيب المؤمن، فيزداد ذله وخشوعه وخضوعه وافتقاره إلى ربه، فيكثر من التضرع والرجاء، هذا بالإضافة إلى الابتلاء بذلك فيه تكفير للسيئات ورفع للدرجات.
والمسحور تظهر عليه أعراض السحر في الغالب، كأن يحبس عن امرأته فلا يستطيع جماعها، أو يتخيل حصول أشياء لم تقع، أو أن ينسى كثيراً، وقد تظهر الأعراض في صورة رؤى منامية، ولكن هذه الأعراض لا تدل يقينا على وجود سحر، فقد تظهر هذه الأعراض على غير المسحور، بمعنى أن يكون سببها عوامل نفسية، أو عضوية.