النبي إنسان أُوحِيَ إليه بشرع يَعمل به ولم يُؤمر بتبليغه.
والرسول إنسان أُوحِيَ إليه بشرع يعمل به وأُمر بتبليغه .
فكل رسول نَبِيٌّ، وليس كل نبي رسولاً، وسيدنا محمد ـ ﷺ ـ نبي ورسول، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (سورة الأحزاب : 45) وقال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ) (سورة الأحزاب : 40) فجمعتْ الآيتانِ بين وصفه بالنبوة والرسالة.
وقد يَحِلُّ كل لفظ محل الآخر، كما قال تعالى: (وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي اْلأوَّلِينَ. وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) . سورة الزخرف : 6،7).
هذا أحسن ما قيل في الفرق بين النبي والرسول.
أما عدد الأنبياء والمرسلين فكثير. قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ) (سورة فاطر : 24) وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) (سورة غافر : 78).
وقد ورد حديث رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذَرٍّ الغفاري أنه قال: قلت لرسول الله ـ ﷺ ـ كم عدد الأنبياء؟ فقال “مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا (124000) فقلت: وكم عدد الرسل؟ فقال “ثلثمائة وثلاثةَ عشرَ جمًا غفيرًا” (313) ولكن الحديث ليس متواترًا حتى على فرض صحته، فلا يفيد إلا الظن والعقائد لا تؤخذ إلا باليقين.
وهناك أقوال كثيرة لا داعي لذكرها ونحن لا نُكَلَّفُ إلا بمعرفة الرسل الذين ذكروا في القرآن الكريم، وهم خمسة وعشرون، وأكثرهم في الآيات: من 83-86 من سورة الأنعام، وأولها (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا…) وهم فيها ثمانية عشر ، يضاف إليهم سبعةً ذُكِروا في مواضعَ أخرى، نظمها بعضهم في قوله:
في” تلك حُجَّتُنَا “منهم ثمانية ٌ
من بعد عشرٍ ويبقى سبعةٌ وهم.
إدريسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صالحٌ وكذا
ذو الكفلِ آدمُ بالمختار قد ختموا.
وجاء في كتاب “الحاوي للفتاوي” للسيوطي ص 249″ ، أخرج الطبرانيُّ عن أبي أمامة أن رجلاً قال: يا رسول الله، أَنَبِيٌّ كان آدم؟ قال “نعم” قال: كم بينه وبين نوح؟ قال “عشرة قرون” قال: كم بين نوح وإبراهيم ؟ قال ” عشرة قرون” قال: يا رسول الله كم كان الرسل ؟ قال: “ثلثمائة وخمسة عشر ” ورجاله رجال الصحيح.
وجاء في الكتاب أن بين موسى وعيسى ألفًا وتسعمائة وَنَيِّفًا، وبين عيسى ومحمد ـ ﷺ ـ نحو سِتمائة.
وترتيب الرسل هكذا: آدم، إدريس ، هود، صالح، إبراهيم ، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، أيوب، شعيب، موسى، هارون، ذو الكفل، داود، سليمان، إلياس، اليسع، يونس، زكريا، يحيى، عيسى، محمد ـ عليهم الصلاة والسلام.
هذا وحديث أبي ذر الذي صححه ابن حبان ذكره ابن مردويه في تفسيره وقال: إن ابن الجوزي خالف ابن حبان في تصحيح الحديث وذكره في الموضوعات واتَّهَمَ به إبراهيم بن هشام، قال الحافظ ابن كثير: ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث “المواهب اللدنية للقسطلاني” ج 2 ص 46.
أما تواريخ الرسل فقد أُلفت فيهم عدة كتب، والقرآن الكريم اقتصر على ما يهم من هذه التواريخ، وهو صادق فيما قال، فقصصه أحسن القصص، “مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى”، وما عدا ذلك من الأخبار فهو محل نظر، وكُتُبُ التفسير مَحْشُوَّةٌ بكثير منها ونحن لا نكلف إلا بمعرفة الصادق الذي لا يتعارض مع ما أخبر به القرآن والحديث الصحيح، والمرحوم الشيخ عبد الوهاب النجار حاول في كتابه عن الأنبياء أن يَستخلص ما هو أقرب إلى الصحة إن لم يكن مقطوعًا بها، والحذر من قراءة الكتب القديمة المحشوة بالإسرائيليات وبما لا يتناسب مع مقام الأنبياء من التكريم والتشريف.