السنة إذا نام الإنسان قبل دخول الوقت أن يتخذ سببا يوقظه من منبه، أو حارس، أو غير ذلك، فإذا فسد السبب الذي اتخذه فلا إثم عليه، كما يجوزالنوم قبل دخول الوقت، سواء ظن صاحبه أنه سيقوم أم لا.
وأما إذا دخل الوقت فلا يجوز النوم إلا لمن يثق من نفسه أنه سيستيقظ، وإلا كان آثما، وعليه أن يضبط منبها، أو يتخذ سبب يوقظه، فإذا فشل في إيقاظه فلا بأس عليه، وليس عليه أن ينوي الجمع، فالنوم عذر لا يحتاج إلى جمع.
ويدل على هذا كله ما رواه الإمام مسلم وغيره: أن رسول الله ﷺ قال : (لَيْسَ فِي النّوْمِ تَفْرِيط، إِنّمَا التّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عنها فَلْيُصَلّهَا إذَا ذَكَرَهَا). وسبب هذا الحديث أن النبي ﷺ نام هو وأصحابه في أحد أسفاره، وكان قد أمر بلالا أن يحرس وقت الصلاة، ولكنه نام من شدة التعب، فلم يستيقظ النبي ﷺ، ولا صحابته إلا بعد طلوع الشمس، فأمر النبي صحابته أن يرحلوا عن هذا المكان قليلا، ثم أقام الصلاة، وصلى بهم فتهامس الصحابة قائلين : (قَدْ فَرّطْنَا في صَلاَتِنَا) فعندئذ قال النبي ﷺ : (( لَيْسَ فِي النّوْمِ تَفْرِيط).
وجاء في كتاب الأشباه والنظائر :-
إذا دخل على المكلف وقت الصلاة وتمكن من فعلها وأراد أن ينام قبل فعلها ، فإن وثق من نفسه أنه يستيقظ قبل خروج الوقت بما يمكنه أن يصلي فيه جاز ، وإلا لم يجز ، وكذا لو لم يتمكن، وقصد أن ينام بمجرد دخول الوقت ، فإن نام حيث لم يثق من نفسه بالاستيقاظ أثم إثمين: أحدهما إثم ترك الصلاة ، والثاني إثم التسبب إليه ، وهو معنى قولنا: يأثم بالنوم، وإن استيقظ على خلاف ظنه ؛ وصلى في الوقت لم يحصل له إثم ترك الصلاة، وإنما هو إثم التسبب، فعليه الاستغفار .
ولو أراد أن ينام قبل الوقت، وغلب على ظنه أن نومه يستغرق الوقت ، لم يمتنع عليه ذلك ؛ لأن التكليف لم يتعلق به بعد ، ويشهد له ما ورد في الحديث { أن امرأة عابت زوجها بأنه ينام حتى تطلع الشمس ، فلا يصلي الصبح إلا ذلك الوقت فقال : إنا أهل بيت معروف لنا ذلك – أي ينامون من الليل حتى تطلع الشمس – فقال النبي ﷺ : إذا استيقظت فصل } . انتهى.
وقال الأحوذي في شرح الحديث السابق:-
أي إنما التفريط يوجد في حالة اليقظة بأن تسبب في النوم قبل أن يغلبه، أو في النسيان بأن يتعاطى ما يعلم ترتبه عليه غالباً كلعب الشطرنج، فإنه يكون مقصراً حينئذ، ويكون آثماً كذا في المرقاة.انتهى.
وقال الشوكاني في شرح هذا الحديث:
ظاهر الحديث أنه لا تفريط في النوم سواء كان قبل دخول وقت الصلاة أو بعده قبل تضييقه، وقيل إنه إذا تعمد النوم قبل تضييق الوقت واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت كان آثماً، والظاهر أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم لأنه فعله في وقت يباح فعله، فيشمله الحديث، وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك فلا إشكال في العصيان بذلك، ولا شك في إثم من نام بعد تضييق الوقت لتعلق الخطاب به، والنوم مانع من الامتثال والواجب إزالة المانع.