حكمة حرمة الصيام على المرأة حالة الحيض والنفاس غير متيقنة ، فالله أعلم بها. ولكن الحرمة ثابتة بالإجماع ، وإذا صامت أثمت ولا يجزؤها الصيام وعليها القضاء .
يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-رحمه الله تعالى-:
أجمع الفقهاء على أمرين بالنسبة للمرأة إذا كانت حائضاً أو نفساء وهما: عدم وجوب الصوم عليها، وعدم صحته إذا صامت بل على حرمة صومها.
يقول الخطيب الشافعي في كتابه: (الإقناع) قال الإمام ـ أي الشافعي ـ: وكون الصوم لا يصح منها لا يدرك معناه ؛ لأن الطهارة ليست مشروطةً فيه، وهل وجب عليها، ثم سقط أو لم يجب أصلاً ، وإنما يجب القضاء بأمر جديد. وجهان: أصحهما الثاني.
قال في (البسيط): وليس لهذا الخلاف فائدةٌ فقهية.
وقال في (المجموع): يظهر هذا وشبهه في الأيمان والتعاليق بأن يقول: متى وجب عليك صوم فأنت طالق. انتهى كلام الخطيب.
وليس هناك دليلٌ قوليٌّ من القرآن والسنة يحرم الصيام على المرأة عند وجود الدم ـ الحيض أو النفاس ـ ، فالإجماع فقط هو الدليل.
وحاول بعض العلماء أن يأخذ عليه دليلاً من حديث الصحيحين عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: “كنا نحيض على عهد رسول الله ( ﷺ ) فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فقال: الأمر بقضاء الصوم يستلزم بطلانه لو حدث منها في رمضان .
لكن ليس ذلك مطرداً ، فإن القرآن أوجب القضاء على المريض والمسافر، ومع ذلك يجوز أن يصوم كل منهما، وأن يقع الصوم صحيحا.
فلعل عدم وجوب الصوم على المرأة مع وجود الحيض والنفاس ؛ لعله تشريع سابق متعارف عليه وأقره النبي ( ﷺ ).
والحكمة في ذلك ليست لوجود الجنابة، فالجنابة بغير الدم لا تمنع الصوم ولا تبطله، فلو حدثت جنابة باتصال جنسي قبل الفجر، أو باحتلام ليلا أو نهارا، ثم استمر من عليه الحدث طول النهار بدون غسل، فإن صومه صحيح، وإن كانت هناك حرمة لترك الصلاة التي تحتاج إلى طهارة.
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة (رضي الله عنها) أن “النبي ( ﷺ ) كان يصبح جنباً وهو صائم، ثم يغتسل، كما أن الحكمة ليست المرض الذي يسببه نزول الدم فإن المرض لا يمنع من الصيام وإجزائه ، لأن الفطر رخصةٌ لا عزيمة، وفطر صاحبة الدم عزيمة لا رخصة.
والخلاصة أن:
دليل بطلان الصوم ممن عليها الدم هو الإجماع، والحكمة غير متيقنة، والمتيقن هو وجوب الإعادة عليها كما في الصحيحين ، فإذا صامت فهي آثمة ولا يجزؤها الصيام.