شرع من قبلنا لغة: الشرع عبادة عن البيان والأظهار يقال: شرع الله كذا أى جعله طريقًا ومذهبًا، ومنه المشرعة (لسان العرب). واصطلاحا: يراد بشرع من قبلنا؛الأحكام التى شرعها الله تعالى للأمم السابقة وجاء بها الأنبياء السابقون ، وكلف بها من كانوا قبل الشريعة المحمدية كشريعة إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام.
وهذا الموضوع يمثل مدى صلة الشريعة الإسلامية بالديانات والشرائع السابقة، فمن القضايا المعروفة أن النبى ﷺ بعث فى سن الأربعين سنة 611 م ، وأن شريعته ﷺ خاتمة الشرائع ، وقد أخبر القرآن الكريم والسنة الشريفة عن قصص الأنبياء السابقين وبعض الأحكام التشريعية فى شرائعهم ، فهل أحكام شرائع الأمم السابقة كاليهودية والنصرانية نطالب بالعمل بها؟
والكلام فى هذا الموضوع يتطلب بحث أمرين:
أولهما: هل كان الرسول ﷺ قبل البعثة متعبدًا بشريعة سابقة ؟ لأنه إذا كان متعبدًا بشرع سابق ، ولم ينسخ فى شريعته بعد نزولها فيكون ذلك مشروعًا فى حقنا كمسلمين.
ثانيهما: هل النبى عليه الصلاة والسلام وأمته بعد البعثة متعبدون بشرع نبى سابق؟
ولمعرفة هذا نقول: إن تعبده ﷺ بشريعة سابقة من ناحية الجواز العقلى لا مانع منه إذ لا دليل على استحالته ، أما من ناحية الوقوع العقلى والجواز الشرعى فهو محل خلاف بين الأصوليين سواء كان ذلك قبل البعثة أو بعدها، فليراجع فى كتبهم.
شرائع من قبلنا على أربعة أقسام:
1- الأحكام التى لم يرد لها ذكر فى شريعتنا لا فى الكتاب ولا فى السنة، فهذه الأحكام لا تكون شرعًا لنا بلا خلاف.
2- الأحكام التى نسختها شريعتنا مثل: تحريم أكل ذى الظفر، وتحريم الشحوم التى تكون فى بطن الحيوان محيطة بالكرش وتحريم الغنائم ، فهذه أيضا ليست شرعًا لنا بالاتفاق ، بل منسوخة فى حقنا.
3- الأحكام التى أقرتها شريعتنا فلا نزاع فى أننا متعبدون لها ؛ لأنها شريعتنا، لورود التشريع الخاص فيها ، الصيادوالاضحيةوغيرها.
4- الأحكام التى علم قبولها بطريق صحيح ، ولم يرد عليها ناسخ ، ولكن لم تقرر فى شريعتنا كالتى قصها الله سبحانه فى كتابه ، أو وردت على لسان نبيه ﷺ من غير إنكار ولا إقرار لها، مثل آية القصاص فى شريعة اليهود، وهذا النوع هو محل النزاع والخلاف بين الفقهاء.