لا يكاد أحد يخلو من الظن، لذلك أمر النبي -ﷺ- المؤمن إذا ظن أن لا يحقق الظن، ومعنى ذلك أن يدفع الظن عن نفسه، ولا يخبر أحدا بذلك، ولا يكره المظنون فيه حتى تظهر له أمارة ذلك.
جاء في الحديث : “إذا ظننتم فلا تحققوا. وإذا حسدتم فلا تبغوا. وإذا تطيرتم فامضوا؛ وعلى الله توكلوا. وإذا وزنتم فأرجحوا”.
قال الإمام المناوي في شرح هذا الحديث :
المعنى لا تحقق الظن وتعمل بمقتضاه بل توقف عن القطع به والعمل بموجبه وهذا الحديث يشير إلى أن هذه الثلاثة من أمراض القلب التي يجب التداوي منها وأن علاجها ما ذكر فعلاج سوء الظن أن لا يحققه بقلبه ولا بجارحته.
ومن مظاهر تحقيق الظن المحرمة أن يحقق الظن بالقلب بأن يصمم عليه ولا يكره أنه يظن، ومن علامته أن يتفوه به فبأن يعمل بموجبه فيها والشيطان يلقي للإنسان أن هذا من فطنتك وأن المؤمن ينظر بنور اللّه وهو إذا أساء الظن ناظر بنور الشيطان وظلمته أما إذا أخبرك به عدل فظننت صدقه فأنت مغرور. انتهى.
ويقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
الإسلام يريد أن يقيم مجتمعه على صفاء النفوس، وتبادل الثقة، لا على الريب والشكوك، والتهم والظنون. ولهذا جاءت الآية برابع هذه المحرمات التي صان بها الإسلام حرمات الناس: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم) [الحجرات:12]. وهذا الظن الآثم هو ظن السوء.
فلا يحل للمسلم أن يسيء ظنه بأخيه المسلم دون مسوغ ولا بينة ناصعة.
إن الأصل في الناس أنهم أبرياء. ووساوس الظن لا يصح أن تعرض ساحة البريء للاتهام. وقد قال النبي -ﷺ- : “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث”.
والإنسان لضعفه البشري لا يسلم من خواطر الظن والشك في بعض الناس، وخصوصا فيمن ساءت بهم علاقته. ولكن عليه ألا يستسلم لها، ولا يسير وراءها وهذا معنى ما ورد في الحديث : “إذا ظننت فلا تحقق”. انتهى.