السؤر المراد به ما يتبقى من الماء بعد الشرب ، وسؤر الإنسان طاهر سواء كان مسلما أو غير مسلم ، والحديث الذي ورد عن النبي ﷺ ( سؤر المؤمن شفاء ) من الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة الناس ، وهو حديث مكذوب على رسول الله –ﷺ- والواجب على المسلم قبل أن يذكر حديثا أن يستوثق من صحته قبل روايته حتى لا نكذب على رسول الله -ﷺ- ، فنفسد على الناس أمر دينهم ودنياهم، فضلا عن الوقوع تحت طائلة الوعيد الشديد (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
يقول الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
إن التثبت من الأحاديث قبل روايتها وذكرها للناس أمر واجب، لأن معظم الناس من العوام الذين لا يعرفون التمييز بين الصحيح والضعيف من الأحاديث، بل إن عامة الناس يتلقون هذه الأحاديث وينشرونها فيما بينهم فيسهم الوعاظ والخطباء والمدرسون وأمثالهم في نشر هذه الأحاديث المكذوبة بين الناس، ويتحملون وزر ذلك .
وبناءً على ما تقدم، فإني أنصح كل من يذكر حديثاً عن الرسول ﷺ أن يتثبت من ذلك الحديث، وأن يرجع إلى كتب أهل الحديث ليعرف حال ذلك الحديث قبل أن يذكره للناس .
فقد ثبت في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). قال الحافظ ابن حبان: “فصل ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشيء إلى المصطفى ﷺ وهو غير عالم بصحته ” ، ثم روى بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال: ( من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وإسناده حسن كما قال الشيخ شعيب الأرناؤوط، الإحسان 1/210 ، ثم ذكر ابن حبان بسنده عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (من حدث حديثاً وهو يُرى – بضم الياء ومعناه يظن – أنه كذب فهو أحد الكاذبين ) وأخرجه مسلم في مقدمة صحيحه وفي رواية عند ابن ماجة وغيره ( من حدث عني حديثاً…. الخ).
وأما ما يتداوله الناس من قول منسوب للنبي ﷺ وهو (سؤر المؤمن شفاء ) فليس بحديث، قال العلامة القاري: [ليس له أصل مرفوع ] المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ص 106.
وقال الحافظ العراقي: هكذا اشتهر على الألسنة ولا أصل له بهذا اللفظ.
ونقل العجلوني عن نجم الدين الغزي أنه ليس بحديث،كشف الخفاء ص 458.
وقال العلامة الألباني عن الحديث السابق: [لا أصل له] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/ 105. وانظر أيضاً المقاصد الحسنة للسخاوي ص 231.
ومثل ذلك حديث: ( ريق المؤمن شفاء ) فهو حديث لا أصل له كما نص على ذلك كثير من المحدثين انظر كشف الخفاء ص 436، المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ص 106 وغيرهما.
ومثل ذلك حديث ( من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه، ومن شرب من سؤر أخيه رفعت له سبعون درجة، ومحيت عنه سبعون خطيئة وكتبت له سبعون حسنة ) فهو حديث موضوع أورده ابن الجوزي في الموضوعات كما قال العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/ 106.
ومما يجدر ذكره أن المراد بالسؤر لغة بقية الشيء، ويجمع على أسآر ، والسؤر في الاصطلاح هو: فضلة الشرب وبقية الماء التي يبقيها الشارب إنسانا كان أو حيواناً أو طائراً في الإناء أو في الحوض، ثم استعير لبقية الطعام أو غيره.
قال النووي: ومراد الفقهاء بقولهم: سؤر الحيوان طاهر أو نجس: لعابه ورطوبة فمه .الموسوعة الفقهية الكويتية 24/100.
وسؤر الإنسان طاهر سواء كان مسلماً أو كافراً ، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي عند ذكره لأقسام الآسار [القسم الثاني طاهر في نفسه وسؤره وعرقه, وهو ثلاثة أضرب: الأول الآدمي فهو طاهر, وسؤره طاهر سواء كان مسلماً أم كافراً عند عامة أهل العلم] المغني 1/37.