رابعة هي بنت إسماعيل العدوية البصرية، ولقَّبها ابن خَلِّكان بأم الخير، وذكر أنها مولاة آل عتيك، فخذ من قبيلة الأزد، كانت في أول أمرها تَعزف بالمعازف ثم تابت، وقضت حياتها بالبصرة كأنَّها مسجونة وماتَتْ بها في سنٍّ لا تَقِلُّ عن ثمانين سنة، وذلك في عام 185هـ (801م) ولم تكن وفاتها سنة 135هـ (751م)؛ لأن محمد بن سليمان الذي وَلِيَ على البصرة من قبل العباسيين منذ سنة 145 هـ 172 هـ قد خطبها فأبت وتفرَّغت للعبادة، وقالوا: إنها ولدت في العام الذي بدأ فيه الحسن البصري مجالس تعليمه، وذلك سنة 95هـ أو 96هـ فأكثر الذين كتبوا عنها قالوا: إنها ولدَتْ وعاشت في القرن الثاني من الهجرة وماتت في آخره.
كانت كثيرة العبادة تَلْبَسُ الصوف وما إليه من ثياب الشعر، زاهدة في الدنيا، ولعلَّ أظهر ما تميَّزت به كلامُها في الحُب والمَحبة كما في كتاب “مدارج السالكين” لابن القيم، ومن شعرها المأثور في ذلك:
أحِبُّــكَ حُبَّيْـنِ، حُــبَّ الهَــوَى وحبـًّـا لأنَّك أهْل لِذَاكَـا
فأمَّــا الذِي هُــوَ حبُّ الهَـــوَى فَشُغْـِلي بِذِكْرِكَ عَمَّنْ سِوَاكَا
وَأَمَّــا الذِي أَنْتَ أَهْــــلٌ لَــهُ فَكَشْفُكَ لِي الحُجُبَ حَتَّى أَرَاكَـا
فَلا الْحَمْـدُ فِــي ذَا وَلَا ذَاكَ لِــي وَلَكِنْ لَكَ الْحَمْـدُ فِي ذَا وَذَاكَا
ذَكَرَ الغَزَّالي فِي كِتَابِه: “إِحْيَاء عُلُوم الدِّينِ” أَنَّ مُحمَّد بن سُلَيْمَان الهَاشِمي وَالي البَصْرة أرْسل إليها كتابًا يَخْطُبُهَا وَذَكَر فِيه مِقْدَار غِنَاه وأَنَّ مَهْرها سَيَكُون كبيرًا فردَّت عليه بعد المقدمة: اعلم أنَّ الزهد في الدنيا راحة القلب والبدَن، والرغبة فيها تُورِث الهمَّ والحَزَن، فإذا أتاك كتابي هذا فهيِّئْ زادَك، وقدِّم لمَعادِكَ وكن وصيَّ نفسك، ولا تجْعل الناس أوصياءك فيقتسموا تُرَاثك، وصُمْ عن الدُّنيا وَلْيَكُنْ إِفْطَارُك على الموت، وَأَمَّا أنَا فلو أنْ أَعْطاني ما أعطاك وأمثالَه ما سرَّني أن أشتغل طَرْفَةَ عَيْنٍ عَنِ الله.
ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى دائرة المعارف الإسلامية” مادة تصوف” وتعليق الشيخ مصطفي عبد الرازق ص 357″.