دخول الحائض والنفساء المسجد( ومثلهما الجنب) محل خلاف بين أهل العلم، فجمهور العلماء على تحريم دخولهم المسجد، وهذا هو الرأي الشائع عند عامة الناس، وكذلك هو الشائع عند كثير من العلماء، ولا يكاد يفتى إلا به.
ولكن هذا لا يعني أنه ليس هناك رأي آخر للفقهاء، فمن حفظ فهو حجة على من لم يحفظ، ومن عرف فهو حجة على من لم يعرف.
فبعض الفقهاء أجاز لهم دخول المسجد، ومن هؤلاء الإمام أحمد، والمزني صاحب الشافعي، وأبو داود وابن المنذر، وابن حزم، والشيخ الألباني، والشيخ القرضاوي اختار هذا خاصة في الحائض.
والترجيح بين هذين الرأيين مثل الترجيح في كافة الآراء المختلف فيها يكون بحسب الأدلة.
ومن الخطأ أن يسأل الذين جوزوا دخول الحائض للمسجد عن أدلة جوازهم؛ لأن الأصل هو الجواز، ولكن يسأل من حرم أين أدلة التحريم؛ لأنه لا تحريم إلا بنص.
ولذلك قدم المانعون لهؤلاء الأصناف من دخول المسجد الأدلة التي تفيد التحريم، ولكن هذه الأدلة لم تثبت أمام التحقيق.
وأبرز ما استدل به المانعون في هذا الجانب حديث “إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب” وهذا حديث رواه أبو داود، ولكن الحديث ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل، وضعفه الشيخ الألباني، وبينوا سبب ضعفه، فكيف نأخذ حكما من حديث ضعيف!
ومن أدلتهم أيضا أن النجس لا يدخل المسجد، والرد على ذلك سهل؛ ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة“المسلم لا ينجس”.
فينبغي أن يقر في الأذهان أن التحريم لا يكون إلا بنص، وأما من يجيز فقد تمسك بالبراءة الأصلية فلا يطالب بدليل.
على أن عبقرية ابن حزم أسعفته بدليل يدل على جواز مكث الحائض في المسجد، وهو حديث في صحيح البخاري ؛ فقد روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة أم المؤمنين { أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله ﷺ فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش } . ( الحفش : بيت صغير قليل الارتفاع)
قال ابن حزم : فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي ﷺ والمعهود من النساء الحيض فما منعها رسول الله ﷺ .