أخرج الشافعي وأبو داود والحاكم من حديث عبد الله بن عمر مرفوعًا ـ أي إلى النبي ـ ﷺ ـ وقال صحيح الإسناد، أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حقِّها إلا سأله الله عنها” قال:” يا رسول الله وما حقها؟ قال: “يذبحها ويأكلها ولا يقطع رأسها ويطرحها” نيل الأوطار ج 8 ص 142. فإذا كان قتل عصفورـ وهو مأكول اللحم ـ لغير أكلها منهيًّا عنه فإن قتل ما لا يؤكل لحمه أولى بالنهي.
وقد نص الشافعية على أنه لا يجوز ذبح ما لا يحل أكله كالحمار الزمن ـ العجوز ـ ولو لإراحته عند تضرره من الحياة “حاشية الشرقاوي على التحرير ج 2 ص 459″، كتاب الفقه على المذهب الأربعة لوزارة الأوقاف ص 607”.
ونرى أنه لو ذبح لأخذ جلده والانتفاع به بعد دبْغه فلا حرمة في ذلك؛ لأنه ذبح لغرض مشروع، وكذلك لو قدم لحمه طعامًا لبعض الحيوانات الموجودة في حدائق الحيوان فلا مانع؛ لأن هذه الحدائق لها أغراض مشروعة، منها دراسة طبائع وأحوال الحيوانات المتوحشة التي لا يتيسر رؤيتها للكثيرين.
ومن ذلك أيضًا اصطياد الحيوانات البرية للانتفاع بفرْوها أو عظامها أو أظلافها أو أي شيء منه. فهذه كلها أغراض مشروعة، يُقتل الحيوان لها سواء أكان مريضًا أو غير مريض، فالمنهي عنه هو القتل الذي لا فائدة منه، كاتخاذ حيوان أو طير غرضًا للتسابق في الرَّمي بالنَّبْل أو الرَّصاص، ففي صحيح مسلم: “لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا” وفيه أن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مرَّ بفِتْيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وجعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم ـ فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله ـ ﷺ ـ لعن من اتخذ شيئًا فيه روح غرضًا.