من حق الزوجة أن تنتفع بمالها على الوجه الذي تحب في غير معصية، ولا يجوز لزوجها أن يحجر عليها فيه، ولا أن يقيدها في استخدامه، وخلط الزوجة مالها بأموال زوجها مدعاة لتسلطه عليه، ومدعاة لطمعه فيه، كما أنه يعرضه للدخول في التركة إذا مات الزوج، وعلى هذا فلا يجوز للزوج أن يجبر زوجته أن تخلط مالها بأمواله، والأفضل لها أن تحتفظ به في وعاء خاص بها.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
من الحقائق المسلمة: أن الإسلام أنصف المرأة من ظلم الجاهليات المختلفة، وأعطاها حقوقها دون أن تطالب بها، ومن ذلك الحقوق المالية، وعلى رأسها حق التملك للأموال، عقارات ومنقولات، فجعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة عن أبيها وزوجها. فمن حقها أن تملك وأن تتصرف في ملكها كما تشاء، كما يتصرف الرجل،تبيع وتشتري وتهب وتتصدق، كما يفعل الإنسان السوي الرشيد، ولا حرج ولا حجر عليها.قال تعالى:{لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} النساء:32 .
ومن هنا نقول: إن للزوجة الحق كل الحق في فتح حساب لها في البنك باسمها، خاص بها، تضع فيه ما يأتيها من دخل، سواء أكان من كسبها أم من ميراث لها، أم من هبة من أب أو أم أو غير ذلك .
وليس للزوج أي حق في أن يفرض عليها أن تضع دخلها في حساب أو وعاء مشترك مع دخل زوجها، لينفق منه على الأسرة.إذ من المعلوم أن الإنفاق على الأسرة شرعا هو من واجب الزوج، كما قال الله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ }النساء:34 .
وإنما تساعد المرأة زوجها في نفقة البيت، تبرعا منها ومن باب مكارم الأخلاق، وليس من باب الوجوب والإلزام، ولو كانت غنية بميراث أو كسب .
ولم يوجب أحد من أئمة الإسلام على الزوجة الغنية أن تنفق على زوجها الفقير، إلا الإمام الظاهري المعروف ابن حزم .
ولكننا نستحسن أن تساهم المرأة العاملة في نفقة البيت، ولا سيما إذا كانت وظيفتها أو عملها في الخارج يكلف البيت خادمة أو مربية للأطفال، أو مصاريف زائدة من أجل خروج المرأة ولبسها ومواصلاتها ونحو ذلك .
وأقصى ما يمكن أن تساهم به المرأة في ذلك هو الثلث، والثلثان على الزوج، فكما أن الرجل يرث ضعفها من التركة، فكذلك يجب أن يتحمل ضعفها من النفقة .
ونحن نؤيد أن يكون لكل من الزوجين حسابة الخاص، حتى لا يطمع بعض الأزواج في أموال زوجاتهم، فعلى الزوجة أن تحتاط لغدرات الزمان، وتقلبات الأزواج، ولا يحق لزوج أن يغضب من ذلك،إلا إذا كانت نيته سيئة، والحق أحق أن يتبع .
وإذا كنا نحبذ ألا يكون دخل الزوجين في وعاء مشترك أو حساب مشترك فمن باب أولى لا نحبذ على الإطلاق أن تضع الزوجة دخلها في حساب زوجها، ويكون كل شيء باسمه وعلى ملكه. ولا يجوز للزوج أن يطالبها بذلك،فكل إنسان أحق بماله .
وقد عرفنا أزواجا كانت زوجاتهم موظفات ووضعن رواتبهن وكل دخولهن بأسماء أزواجهن،وللأسف بعد مدة من الزمن ـ قصرت أو طالت ـ تغير الرجل على زوجته وأحب أخرى،وتزوجها بمال زوجته القديمة،التي خسرت زوجها ومالها جميعا.وقديما قال الناس في أمثالهم:المال السايب يعلّم السرقة .