لم يجز الإسلام تزويج المرأة إلا برضاها، لما في إجبارها من فقد الحياة المطمئنة والراحة النفسية والمودة والسكن والرحمة، وتلك من أهم أهداف الزواج في الشريعة الإسلامية، فنكاح البنت من غير رضاها لا يمضي إلا إذا هي أمضته، فإن لم تمضه فإنه لا ينعقد، وقد فسخ النبي ﷺ نكاح الإجبار، وللمرأة الصداق لأنه دخل عليها، ويعود الزوج على الولي بهذا المال فيدفعه الولي له.
يقول الشيخ أحمد الشرباصي من علماء الأزهر ـ رحمه الله تعالى- :
لا يجوز شرعًا تزويج المرأة بإرغامها أو إكراهها أو دون رضاها. لأن الإسلام جعل للمرأة الحق في اختيار زوجها، أو الموافقة عليه؛ لأنّها هي التي ستعاشره وتشاركه الحياة، فكيف نفرض عليها من تأباه؟ وفي الحديث النبوي الشريف: ” الثَّيِّب أحقّ بنفسها من وليِّها، والبِكر تُستأذن في نفسها، وإذنها صمتها”.
وجاء في الحديث أيضًا أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: ” لا تُنْكَح البكر حتى تُستأذن. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنُها ؟ قال: أن تسكتَ”. وفي حديث ثالث: ” فإن سكتتْ فقد أذِنتْ، وإن أبتْ لم تُكْرَه “. ورُوِيَ عن رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه فسخ زواج امرأة اسمها ” الخنساء بنت خِذام الأنصاريّة ” لأن أباها زوجها على الرغم منها. وكانت قد خطبها رجلان: أبو لبابة بن المنذر الصحابي الجليل، والثاني رجل من عشيرتها، ففضَّلت المرأة أبا لبابة، وفضل أبوها الآخرَ، ثم زوَّجها له دون رضاها.
وذهبت الخنساء إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وقالت له: يا رسول الله، إن أبي قد تعدَّى علي فزوَّجني ولم يُشعرني فقال الرسول: ” لا نِكاحَ له، انكحي مَن شئتِ “. وفي رواية أن الخنساء قالت: إن أبي زوَّجني من ابن أخيه وأنا كارهة. فقال: أجيزي ما صنع أبوك. فقالت: ما لي رَغبة فيما صنع أبي، فقال ـ ﷺ ـ اذْهبي فلا نكاحَ له، انكحي مَن شئتِ. فقالت: أجزتُ ما صَنَع أبي، ولكني أردتُ أن يعلَمَ الناس أن ليس للآباء من أمور بناتِهِم شيءٌ.
وعن عبد الله بن عباس ـ رَضِيَ الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ ردّ نكاح بِكر وثَيِّب زوَّجهما أبوهما وهما كارِهتان، فردَّ النبي ـ ﷺ ـ نكاحَهما. ومن هذا نفهم أن الزواج غير صحيح، وأن الأموال تُردُّ إلى الزّوج.