لاشك أن الجن تحاسب بما عملت من خير أو شر؛ والآيات في ذلك كثيرة نقرأ منها قوله تعالى :”وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ؛ قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم …”إلى آخر الآيات.
ونقرأ سورة الجن وفيها “وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسًا ولا رهقًا؛ وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون …” سورة الجن وإلى الجن والإنس يتوجه الخطاب المتكرر في سورة الرحمن “فبأي آلاء ربكما تكذبان” وفي السورة “فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان فبأي آلاء ربكما تكذبان فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ؛ فبأي آلاء ربكما تكذبان” والخطاب يتوجه إلى الجن والإنس في قوله تعالى “يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا: شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين” وقوله تعالى “ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها؛ ولكن حق القول مني لأملان جهنم من الجنة والناس أجمعين ” إلى غير ذلك من الآيات وهي كثيرة.
أما الحيوانات فقد ورد في ذلك قوله تعالى” وما من دآبة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيئ ثم إلى ربهم يحشرون ”
وبما رواه عبد الرزاق عن أبي هريرة في قوله تعالى ” ثم إلى ربهم يحشرون ” قال : يحشر الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شئ فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء اى التي لا قرون لها من القرناء ثم يقول كوني ترابا فلذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.
وبما رواه الإمام أحمد عن أبي ذر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان فقال يا أبا ذر هل تدرى فيم تنتطحان قال لا قال لكن الله يدرى وسيقضي بينهما).
أما من قال إنها لا تحاسب لأنها غير مكلفة إنما هي منقادة فقال بان حشرها هو موتها وبهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما مجاهد والضحاك والرأى الأول أولى؛ وهو أن الله يحشرها فيحاسبها قضاء لعدله ثم تصير ترابا.