يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير :
شهر رمضان عظَّمَه الله ورسوله، فقال جل شأنه: (شهرُ رمضانَ الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة:185).
وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “إذا جاء رمضانُ فتِّحت أبواب الجنة وغلِّقت أبواب النار وصفِّدت الشياطين”.
ومعنى الحديث أنه خلال هذا الشهر الكريم يفتَح الله تعالى على عباده من الطاعات والخيرات ما يكثر خيرها ويعم ثوابها حتى يدخل الصائمون القائمون الجنة ويَنعَمُوا بفضل الله عليهم.
ويكف الناس عن كثير من المُخالَفات، وتتربَّى فيهم ملَكة الإرادة المؤمنة والمراقبة لحدود الله عز وجل فلا يقعون في المعاصي التي تقُودهم إلى النار، فالمسألة مرتَبِطة بفضل الزمان في شهر رمضان، ومضاعَفة الثواب للعمل الصالح، واتجاه كثير من المؤمنين إلى الإقلاع عن المخالفات.
ومما يؤكد أن المراد بتفتيح أبواب الجنة هو المعنى المجازي ما جاء في رواية أخرى صحيحة: “إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الرحمة.
وتصفيد الشياطين أو وضعهم في سلاسل قد نفهمه على المعنى المجازي الذي أشرنا إليه بمعنى انكفاف الناس عن المعاصي.
وقد نفهم حبس الشياطين على حقيقته ولكن ليس مرادًا به جميع الشياطين. بدليل الرواية الأخرى: “صفِّدت مرَدَة الشياطين” أي المتمردون منهم.
وما ينبغي ذكره أن الإنسان مسئول عن سلوكه مسئولية كاملة، وأن عوامل المعصية ترجع إلى الإنسان والبيئة الفاسدة، أما الشيطان فهو عامل إغراء فقط وليس هو كل أسباب المعصية، وسيتبرأ الشيطان من الإنسان يوم القيامة ويتحمل الإنسان مسئوليته وحده.. قال الله تعالى: (وقال الشيطانُ لما قُضِي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتُكم فأخلفتُكم وما كان ليَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتُكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولومُوا أنفسَكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَّ إني كفرتُ بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم) (إبراهيم: 22).