الحج هو الركن الخامس من أركان اللإسلام، وهو اتجاه المسلمين إلي مكة في وقت معين من العام مؤدين شعائر الحج بترتيب وكيفية محددة تُسمى مناسك الحج،والحج فرض عين واجب على كل مسلم عاقل بالغ وقادر؛ فهو أحد أركان الإسلام الأساسية، يقول رسول الله ﷺ :”بُني الإسلام على خمس: شهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إقام الصلاة، إيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.”
هل يكفر الحج صغائر الذنوب وكبائر الذنوب:
الحج يكفر صغائر الذنوب بالإجماع،أما الكبائر ففي ذلك أربعة آراء:
الأول:أنه يكفر الكبائر كلها بما في ذلك حقوق العباد.
الثاني:أنه يكفر الكبائر التي تتعلق بحق الله ،أما حقوق العباد فلا تكفر إلا برد الحق إلى أهله،أو طلب المسامحة منهم.
الثالث:أنه يكفر الكبائر كلها بما في ذلك حقوق العباد التي لا يستطيع ردها ،وعجز عن أدائها بعد التوبة منها.
الرابع:أنه لا يكفر الكبائر المتعلقة بالله تعالى بالكلية ،وإنما يكفر إثم تأخيرها وتبقى في ذمته ،كترك صلاة أ و صوم ونحو هذا.
وعلى كل ،فهذه المسألة من الأمور الاجتهادية الظنية ،والتي لا يعرف كنهها إلا الله تعالى ،ولكن من الثابت أن الحج يكفر الذنوب ،أما تفصيلها فإلى الله تعالى ،وعلى المسلم أن يحسن الظن بالله تعالى ،وأن يصدق التوبة إلى الله ،عسى الله أن يغفر له الذنوب كلها.
هل يكفر الحج كبائر الذنوب وأقوال الفقهاء في ذلك:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
روى عباس بن مرداس رضي الله عنه { أن رسول الله ﷺ دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب : إني قد غفرت لهم ما خلا الظالم فإني آخذ للمظلوم منه ، قال : أي رب ، إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم ، فلم يجب عشيته ، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء ، فأجيب إلى ما سأل . . . } .
وروى ابن المبارك { أن النبي ﷺ قال : إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات ، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ، هذا لنا خاصة ؟ قال : هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : كثر خير الله وطاب } ، قال ابن عابدين : وتمامه في الفتح وساق فيه أحاديث أخر ، والحاصل أن حديث ابن ماجه – وإن ضعف – فله شواهد تصححه ، والآية أيضا تؤيده ، ومما يشهد له أيضا حديث : { من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه } ، وقوله ﷺ لعمرو بن العاص : { أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله } .
لكن ذكر الأكمل في شرح المشارق في هذا الحديث أن الحربي تحبط ذنوبه كلها بالإسلام والهجرة والحج حتى لو قتل وأخذ المال وأحرزه بدار الحرب ثم أسلم لم يؤاخذ بشيء من ذلك ، وعلى هذا كان الإسلام كافيا في تحصيل مراده ولكن ذكر ﷺ الهجرة والحج تأكيدا في بشارته وترغيبا في مبايعته فإن الهجرة والحج لا يكفران المظالم ولا يقطع فيهما بمحو الكبائر وإنما يكفران الصغائر ، ويجوز أن يقال والكبائر التي ليست من حقوق أحد كإسلام الذمي ، وكذا ذكر الإمام الطيبي في شرحه وقال : إن الشارحين اتفقوا عليه ، وهكذا ذكر النووي والقرطبي في شرح مسلم .
قال ابن عابدين : وفي شرح اللباب : ومشى الطيبي على أن الحج يهدم الكبائر والمظالم ، ووقع منازعة غريبة بين أمير بادشاه من الحنفية حيث مال إلى قول الطيبي ، وبين الشيخ ابن حجر المكي من الشافعية وقد مال إلى قول الجمهور ، وكتبت رسالة في بيان هذه المسألة ، وظاهر كلام الفتح الميل إلى تكفير المظالم أيضا ، وعليه مشى الإمام السرخسي في شرح السير الكبير ، وإليه ذهب القرطبي .
وقال عياض : هو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها ، والحاصل أن تأخير الدين وغيره ، وتأخير نحو الصلاة والزكاة من حقوقه تعالى ، فيسقط إثم التأخير فقط عما مضى دون الأصل ودون التأخير المستقبل ، ونقله عن الترمذي واللقاني ، واستظهر ابن عابدين سقوط الدين أيضا عند العجز كما قال عياض لكن تقييد عياض بالتوبة والعجز غير ظاهر ; لأن التوبة مكفرة بنفسها ، وهي إنما تسقط حق الله تعالى لا حق العبد ، فتعين كون المسقط هو الحج كما اقتضته الأحاديث .
قال ابن نجيم من فقهاء الحنفية : والصحيح أن الحج لا يكفر الكبائر ، وليس مراد القائل بأنه يكفرها أنه يسقط عنه قضاء ما لزمه من العبادات وتركه والمظالم والدين ، وإنما مراده أنه يكفر إثم تأخير ذلك ، فإذا فرغ منه طولب بقضاء ما لزمه ، فإن لم يفعل مع قدرته فقد ارتكب الآن الكبيرة الأخرى ، والمسألة ظنية ، فلا يقطع بتكفير الحج للكبائر من حقوقه تعالى ، فضلا عن حقوق العباد .