لم يَرِدْ نَهْي عن تقبيل النُّقود أو أية نعمة أخرى فهو إحساس بقيمتها، ولعلَّ ذلك يكونُ دَفْعًا للشكر عليها .
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :-
يقول الله سبحانه: (وإذ تَأَذَّن رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ . وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (سورة إبراهيم:7)
ويقول (وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوها) (سورة إبراهيم :34) يُؤْخذ من ذلك أن نعم الله من الكثرة بحيث لا يمكن عدُّها، والواجب علينا أن نشكرها وذلك بشكر المُنعم بها وهو الله سبحانه، فالشُّكْر يَزِيدُها أو عَلَى الأقلِّ يَحْفظها ويُبارك فيها، والكفر يُعَرِّضها للزَّوال والحِرمان من التمتُّع بها. والشُّكر يكون بالإيمان بالله المُنْعِم وبطاعته فيما أمر به ونهى عنه وتوجيه النِّعمة إلى ما خُلِقَت له، بمعنى أن تُسْتعمل في الخير لا في الشر، ولا يُكْتَفَى بترْديد عبارة “الحمد الله” عند حصول النعمة، وما قد يَحصل من تقْبيل اليد ظهرًا وبطنًا.
ومما لا شك فيه أن النقود نعمة من نعم الله الكُبرى التي يستطيع بها استيفاء مطالبه والتقرُّب إلى الله بالأعمال الصالحة، فلا بد للشكر عليها من صيانتها أولاً من الضياع، كما صحَّ في حديث مسلم ” ويُكْره لكم قيل وقال ـ الحديث فيما لا يعني ـ وكثرة السؤال ـ عما لا يُحتاج إليه على وجه التَّعنُّت ـ وإضاعة المال “، ولا بد من تزْكِيَتها بإخراج الحق الواجب فيها (وفي أمْوَالِهِمْ حقٌ للسَّائِلِ وِالْمَحْرُومِ) (سورة الذاريات :19) كما لا بد من الحِكْمة في إنفاقها، ليكون في وجُوهه المشروعة دون إسراف، ولْنَتَذَكَّرْ قول سليمان ـ عليه السلام ـ (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِىٌّ كَرِيمٌ) (سورة النمل:40) هذا ولم يَرِدْ نَهْي عن تقبيل النُّقود أو أية نعمة أخرى فهو إحساس بقيمتها، ولعلَّ ذلك يكونُ دَفْعًا للشكر عليها بما تقدَّم توضيحه.