ذكر الحافظ المنذري في كتابه ” الترغيب والترهيب” أن أهل الجنة يتزاوَرون على المَطايا والنُّجُب، وأن بعضهم يَشتاق إلى بعض فتَسير بهم السُّرر حتى يَتلاقَوا ويتذكّروا كيف غفَر الله لهم.
وذكر المنذري أن بعض هذه الأحاديث موقوف غير مرفوع إلى النبيِّ ـ ﷺ ـ وأن رواة بعضِها مختلَف في صحّته، وبهذا لا يثبُت تزاوُرُهم بطريق صحيح يكون سبيلاً للاعتقاد.
غير أن الأمر في حدِّ ذاته ممكن، ولو طلبه أحد من أهل الجنة لأُجِيب طلبِه بناءً على عموم قوله تعالى: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وتَلَذُّ الأَعْيُن) (سورة الزخرف : 71) وقوله تعالى: (ونَزَعْنَا مَا فِي صُدورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (سورة الحجر : 47).
ويؤكِّد أن لهم لقاءات يتذاكَرون فيها ماضِيَهم في الدنْيا ويسألون عمّا كانوا معهم فيها وعصَوا ربَّهم، قوله تعالى: (إِلاّ عِبادَ اللهِ المُخْلَصِينَ . أَولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلومٌ . فَواكِهُ وهُمْ مُكْرَمونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ . عَلَى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ . يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ . بَيْضَاءَ لَذَّةٍ للشّارِبِينَ . لَا فِيهَا غَوْلٌ ولَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ . وعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِين . كأنّهُنَّ بَيضٌ مَكنونٌ . فأقْبلَ بَعضُهمْ على بعض يَتساءَلُون . قال قائِل مِنْهُم إنِّي كان لي قَرين. يقول أئِنكَ لمَنِ المُصِدّقين . أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا وعِظامًا أئِنّا لَمَدينونَ . قالَ هل أنتم مُطَّلِعونَ . فاطَّلَعَ فرآَهُ فِي سَواءِ الجَحيمِ. قالَ تاللهِ إنْ كِدْتَ لَتُرْدِينَ . ولولا نِعْمةُ رَبِّي لَكُنْتُ من المُحْضَرِين. أفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ . إِلاّ مَوْتَتَنَا الأولَى ومَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ. إنَّ هَذَا لَهُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ . لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُونَ) (سورة الصافات : 40 ـ 61).