يقول فضيلة الشيخ السيد السابق -رحمه الله- في كتابه فقه السنة :
“ذهب جمهور العلماء منهم مالك والثوري والليث والشافعي إلى أن الأولياء في الزواج هم العصبة وليس للخال ولا للإخوة لأم، ولا لولد الأم، ولا لأي من ذوي الأرحام ولاية”.
وقال الشافعي :
لا ينعقد نكاح امرأة إلا بعبارة الولي القريب؛ فإن لم يكن فبعبارة الولي البعيد، فإن لم يكن فبعبارة السلطان (أي : أن الترتيب عنده يجب أن يكون هكذا: الأب، ثم الجد أبو الأب، ثم الأخ للأب والأم، ثم الأخ للأب، ثم ابن الأخ للأب والأم، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابنه.
على هذا الترتيب، ثم الحاكم. أي: أنه لا يزوج أحد وهناك من هو أقرب منه؛ لأنه حق مستحق بالتعصب، فأشبه الإرث، فلو زوَّج أحد منهم على خلاف هذا الترتيب المذكور لم يصح الزواج.
فإن زوَّجت نفسها بإذن الولي، أو بغير إذنه بطل الزواج، ولم يتوقف، عند أبي حنيفة أن لغير العصبة من الأقارب ولاية التزويج.
ولصاحب الروضة الندية تحقيق في هذا الموضوع قال :
الذي ينبغي التعويل عليه عندي هو أن يقال : “إن الأولياء هم قرابة المرأة : فالأدنى، الذين تلحقهم الغضاضة إذا تزوجت بغير كفء، وكان المزوج لها غيرهم”.
وهذا المعنى لا يختص بالعصبات، بل قد يوجد في ذوي السهام، كالأخ لأم، وذوي الأرحام كابن البنت.
وربما كانت الغضاضة معهما أشد منها مع بني الأعمام ونحوهم، فلا وجه لتخصيص ولاية النكاح بالعصبات كما أنه لا وجه لتخصيصها بمن يرث.
ومن زعم ذلك فعليه الدليل أو النقل، بأن معنى الولي في النكاح شرعاً أو لغة هو هذا.
قال : ولا ريب أن بعض القرابة أولى من بعض.. وهذه الأولوية ليست باعتبار استحقاق نصيب من المال، واستحقاق التصرف فيه حتى يكون كالميراث أو كولاية الصغيرة، بل باعتبار أمر آخر، وهو ما يجده للقريب من الغضاضة التي هي العار اللاصق به، وهذا لا يختص بالعصبات، بل يوجد في غيرهم.. ولا شك أن بعض القرابة أدخل في هذا الأمر من بعض.. فالآباء والأبناء أولى من غيرهم، ثم الإخوة لأبوين، ثم الإخوة لأب، أو لأم، ثم أولاد البنين، وأولاد البنات، ثم أولاد الإخوة، وأولاد الأخوات، ثم الأعمام، والأخوال، ثم هكذا من بعد هؤلاء.
ومن زعم الاختصاص بالبعض دون البعض فليأت بحجة. وإن لم يكن بيده إلا مجرد أقوال من تقدمه فلسنا ممن يعول على ذلك. [1]
انتهى كلام الشيخ .
[1] فقه السنة للشيخ سيد سابق جـ 2 صـ 132-133، الناشر دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان. الطبعة الثالثة 1397هـ – 1977 م.