تخصيص نبي الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بالذكر في التشهد دون غيره من الأنبياء ليس معناه التفريق بين الرسل، ولكن هذا من تفضيل الله عز وجل القائل في محكم التنزيل (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعضهم)، كما أن تخصيصه بالذكر في كل صلاة هو استجابة لدعوته -عليه السلام- حين قال (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)..
يقول فضيلة الدكتور محمود عكام –أستاذ الشريعة بالجامعات السورية-:
من خصائص الأمة المحمدية أنها تؤمن بجميع الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ مصداقاً لقوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله).
وتخصيص إبراهيم ـ عليه السلام ـ بالذكر في التشهد ليس من باب التفريق بين الرسل في الإيمان بهم، وإنما هو لحكمة تختص به فهو خليل الله، وأبو كثير من الرسل والأنبياء، وعلى رأسهم جميعًا صفوة خلق الله، وخاتم رسله سيدنا محمد ـ ﷺ ـ وأن ذلك يعتبر استجابة لدعائه ـ عليه السلام ـ في قوله:
(واجعل لي لسان صدق في الآخرين) فلا يذكره أهل الملل جميعا إلا بالجميل، وقد أمر الله نبيه محمدًا ـ ﷺ ـ أن يقول لقومه: (إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينًا قيمًا ملة إبراهيم حنيفًا) وأن يقتدي به في قوله: (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا) ولم يتوافر ذلك كله لغيره من الأنبياء، كما أنه ـ عليه السلام ـ في ليلة المعراج قال لنبينا ـ ﷺ: أبلغ أمتك عني السلام، وأنه ـ عليه السلام ـ سمانا مسلمين، كما أخبر القرآن بذلك في قوله (هو سماكم المسلمين من قبل) والعرب من ذريته إذ هم ذرية ابنه إسماعيل ـ عليه السلام ـ ويكفيه فضلاً أبوته للأنبياء.
فلا علاقة بين عدم التفريق بين الرسل في الإيمان بهم أجمعين، وبين تخصيص إبراهيم بالذكر في التشهد دون غيره من الرسل، فهم جميعًا متفقون في الدعوة إلى توحيد الله، ونبذ عبادة ما سواه، ولكن الله يختص برحمته وفضله من يشاء.