لا يجوز تعديل الثمن النقدي إلى ثمن مقسط أعلى منه ؛ لأن هذا ربا حرام ، ولكن الحل أن يفسخ العقد مع البائع، وترد إليه نقوده كاملة ، فإن تراضى البائع مع المشتري بعد فسخ العقد على البيع بالتقسيط مرة أخرى فلا بأس.

وذلك بشرطين اثنين :

الأول : أن يكون الفسخ حقيقيا ، لا صوريا، بأن يأخذ الطرف الأول النقود ويأخذ الطرف الثاني المبيع.

الثاني : أن يخلو الفسخ من أي إشارة صريحة أو ضمنية إلى نية البائع والمشتري بإنشاء عقد تقسيطي بعد الفسخ ، بل يكون هذا صدفة.

هل بيع الأجل حلال أم حرام:

يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-: سئلت عن: حكم بيع كيس السكر ونحوه بمبلغ مائة وخمسين ريالًا إلى أجل، وهو يساوي مبلغ مائة ريال نقدًا؟
والـجواب: هذه المعاملة لا بأس بها؛ لأن بيع النقد غير بيع التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل هذه المعاملة، وهو كالإجماع منهم على جوازها.

وقد شذ بعض أهل العلم، فمنع الزيادة لأجل الأجل، وظن ذلك من الربا. وهو قول لا وجه له، وليس من الربا في شيء؛ لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل، إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة، والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة، وعجزه عن تسليم الثمن نقدًا، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة.

وقد ثبت عن النبي ما يدل على جواز ذلك؛ وذلك أنه أمر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشًا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل، ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) الآية [البقرة:282].
وهذه المعاملة من المداينات الجائزة، الداخلة في الآية المذكورة، وهي من جنس معاملة بيع السلم.

حكم بيع العينة والتورق:

يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: إذا كان مقصود المشتري للسلعة ونحوه، بيعه والانتفاع بثمنه، وليس مقصوده الانتفاع بالسلعة نفسها، فهذه المعاملة تسمى مسألة (التورق)، ويسميها بعض العامة (الوعدة).
وقد اختلف العلماء في جوازها على قولين:
أحدهما:
أنها ممنوعة أو مكروهة؛ لأن المقصود منها شراء دراهم بدراهم، وإنما السلعة المبيعة واسطة غير مقصودة.
والثاني: جواز هذه المعاملة لمسيس الحاجة إليها؛ لأنه ليس كل أحد اشتدت حاجته إلى النقد يجد من يقرضه بدون ربا؛ لدخولها في عموم قوله سبحانه: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275]، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) [البقرة:282]، ولأن الأصل في الشرع حل جميع المعاملات، إلا ما قام الدليل على منعه، ولا نعلم حجة شرعية تمنع هذه المعاملة.
وأما تعليل من منعها أو كرهها؛ بكون المقصود منها هو النقد، فليس ذلك موجبًا لتحريمها ولا لكراهتها؛ لأن مقصود التجار غالبًا في المعاملات، هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل، والسلع المبيعة هي الواسطة في ذلك، وإنما يمنع مثل هذا العقد، إذا كان البيع والشراء من شخص واحد -كمسألة العينة-؛ فإن ذلك يتخذ حيلة على الربا، وصورة ذلك: أن يشتري شخص سلعة من آخر بثمن في الذمة، ثم يبيعها عليه بثمن أقل ينقده إياه، فهذا ممنوع شرعًا؛ لما فيه من الحيلة على الربا، وتسمى هذه المسألة (مسألة العينة)، وقد ورد فيها من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على منعها.
أما مسألة التورق -التي يسميها بعض الناس (الوعدة)- فهي معاملة أخرى، ليست من جنس مسألة العينة؛ لأن المشتري فيها اشترى السلعة من شخص إلى أجل، وباعها من آخر نقدًا من أجل حاجته للنقد، وليس في ذلك حيلة على الربا؛ لأن المشتري غير البائع.
ولكن كثيرًا من الناس في هذه المعاملة، لا يعملون بما يقتضيه الشرع في هذه المعاملة؛ فبعضهم يبيع ما لا يملك ثم يشتري السلعة بعد ذلك، ويسلمها للمشتري، وبعضهم إذا اشتراها يبيعها وهي في محل البائع، قبل أن يقبضها القبض الشرعي، وكلا الأمرين غير جائز؛ لما ثبت عن النبي أنه قال لحكيم بن حزام: “لا تبع ما ليس عندك”، وقال عليه الصلاة والسلام: “لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك”، وقال عليه الصلاة والسلام: “من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه”.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نشتري الطعام جزافًا، فيبعث إلينا رسول الله من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا.
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضا: أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.