المسجد له مكانته الربانية والاجتماعية ، فهو الجامعة التي تربت فيها الأجيال عبر التاريخ وهو أساس في بناء المجتمع المسلم، فهو مؤسسة للتوجيه و الإعلام، والتعليم والتربية، وإقامة المساجد في الأماكن التي يتواجد فيها المسلمون واجبة بحسب الحاجة والاستطاعة، ولذلك فليس هناك داع للتوسع في بناء المساجد وينبغي أن يقتصر الأمر على قدر الحاجة، وإذا كان وجود مسجد في المدينة التي تعيش فيها الجالية الإسلامية كاف لإقامة الشعائر ولا يشق على المسلمين أن يلتقوا فيه لإقامة الصلوات والنظر في شؤونهم وقضاياهم فهذا خير من أن يتفرقوا في أماكن مختلفة>
ولقد جاء قرار المجمع الفقهي –التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة- على النحو التالي:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12/7/1406هـ إلى يوم السبت 19/7/1406هـ قد نظر في الموضوع المحال إليه من المجلس الأعلى العالمي للمساجد بشأن وجوب إقامة مسجد في كل حي من الأحياء التي يسكنها المسلمون.
واستعرض ما قدمه بعض أعضائه من تقارير وآراء في هذا الشأن، وما نقلوه من نصوص المذاهب الفقهية في صلاة الجماعة بصورة ظاهرة في المساجد، وكونها واجبة عينًا أو كفاية، أو أنها سنة مؤكدة أشد التأكيد، لأنها من الشعائر التي يجب إظهارها في المجتمعات الإسلامية، وذلك في غير صلاة الجمعة، أما في الجمعة فالإجماع على أنها فريضة على الأعيان لا تسقط إلا بالأعذار الشرعية للأفراد.
وقد رأى المجلس بعد المناقشة بين أعضائه أن إقامة صلاة الجماعة لا يمكن تحقيقها في المدن والقرى في مختلف فصول السنة دون إنشاء مساجد يتجمع فيها المصلون في الأوقات الخمسة؛ لأن المكان الصالح أساس لكل عمل، ومن المقرر في الأصول والقواعد الفقهية أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن جهة أخرى يلحظ أن المسجد في الإسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم- ليست غايته إقامة الجماعة فيه للصلوات الخمس فقط، بل هو مأوى لكل مصلٍّ وقارئ للقرآن ومتعلم لما يجب أن يعرفه من أمر دينه، ولكل مذاكر في شيء من العلوم الشرعية، وهو مقر أيضًا لشورى المسلمين في كل ما يهمهم من شؤون مجتمعهم ومصالحهم الإسلامية العامة، وكل هذا من الواجبات الكفائية على المجموع.
لذا قرر مجلس المجمع الفقهي وجوب إقامة المساجد بحسب الحاجة والاستطاعة في الأحياء التي يقطنها المسلمون، ولا فرق في ذلك بين البلاد الإسلامية وغيرها من البلاد التي فيها أقليات إسلامية يتألف منها الجماعة. ويوصي المجمع أن تتعاون البلاد الإسلامية وحكوماتها مع المجتمعات الإسلامية المحتاجة في سبيل إقامة هذا الواجب العام.