القرآن كله في أعلى درجات العربية كما هو معروف، وقد اجتهد العلماء في بيان أسرار بلاغته، فأدْركوا بَعْضَها وخفي عليهم البعض الأخر، ووُضِعت في ذلك كتب خاصة، مثل: غرائب آي التنزيل لزين الدين الرَّازي الخلفي المتوفَّى سنة 666 هـ ، البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان، لمحمود بن حمزة الكَرْماني المتوفَّى سنة 505 هـ، فتْح الرَّحْمن بِكَشْف ما يلتبس في القرآن، للشيخ زكريا الأنصاري، متشابه القرآن للقاضي عبد الجبَّار، وغير ذلك.
فمثلا ما جاء في سورة القصص وسورة يس قال الكرماني: خُصت سورة القصص بالتَّقْديم لقوله قبله: (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ) (الآية : 15)، ثم قال: (وجَاء رَجُلٌ) وخُصت سورة يس بقوله: “وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ” لما جاء في التفسير أنه كان يعبد الله في جَبَل، سمع بخبر الرَّسول سعى مُستعجلًا أي أن الإخبار هنا هو عن سعْيه وليس عنه، والتقديم هنا للاهتمام والاعتناء بالفعل لا بالفَاعل.