جاء الإسلام بالخير للبشرية جمعاء ، ولذلك أمر الله المسلمين بالتعاون على البر والخير ، ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ) سورة المائدة . ومن أجل هذا المقصد أرشد النبي أمته إلى التعاون على البر ، كما نهاهم عن التعاون على الإثم و العدوان ، ولذلك روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله :” انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً .قالوا : يا رسول الله ! هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ قال :”تأخذ فوق يديه “. وعبارة : انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً من أمثلة أهل الجاهلية التي يقصدون من ورائها حمية الجاهلية والعصبية المنتنة التي حاربها الرسول فبين لنا كيف ننصر أخانا الظالم ، وأن هذه النصرة تكون بأخذ حق المظلوم منه ، وأخذ الحق من الظالم يعد نصراً له ؛ لأنه بهذا يمنعه من الولوج في النار بسبب ظلمه للآخرين . كما في هذا الكف للظالم عن ظلمه منعٌ لوقوع الظلم على الآخرين . وفي هذا إشعار أن الظالم في حقيقة الأمر يظلم نفسه ؛ لأنه يوردها المهالك فإذا كففته عن ظلمه فقد أردت به الخير ، وهذا حق الصديق على صديقه . قال البيهقي: معناه أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسًّا ومعنى، فلو رأى إنسانا يريد أن يجب نفسه [ أي : يخصي نفسه ] لظنه أن ذلك يزيل مفسدة طلبه الزنا مثلا فمنعه من ذلك كان ذلك نصرا له. فهذا هو الفرق بين دعوى الجاهلية التي تنصر على الباطل ، وبين الإسلام الذي يرى أن كف الظالم عن ظلمه هو النصر له.