أباح الإسلام التجارة لاكتساب الربح منها، ولم يحدد نسبة لهذا الربح، ولكنه وضع له ضوابط يجب الالتزام بها، وهي عدم الاحتكار، وعدم الغش والخداع، وعدم التغرير، وعدم استغلال جهل الطرف الآخر بسعر السوق، وعدم استغلال الحاجات الخاصة به، واستحباب التيسير والتسامح والقناعة.
فإذا التزم التاجر بذلك فله أن يربح ما شاء وإن زاد عن الربح 50%
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
قد أحل الله البيع، وحرم الربا، قال الله تعالى: ( وأحل الله البيع وحرم الربا) وباع رسول الله ﷺ واشترى وباع صحابته واشتروا، ولم يضع الإسلام قيدًا على تبادل السلع والمنافع إلا أن يكون بالتراضي بين المتعاقدين، وأن يكون التعامل فيما أحله الله ـ تعالى ـ بغير جهالة ولا خداع ولا غش في المعاملة، فيجوز للإنسان أن يبيع السلعة التي اشتراها بمثل الثمن الذي اشترى به أو بأقل منه أو أكثر حسب مقتضيات الأحوال وتقلباتها، كما يجوز له أن يبيع السلعة بثمن حال، وأن يبيعها بثمن مؤجل أكثر من الحال على أن يتم ذلك بالتراضي عند العقد، ومعرفة الأقساط ومدتها معرفة لا جهالة فيها حتى لا تثور المنازعات بين المتعاملين.
ولم يرد تحديد الربح بمقدار معين، غاية الأمر أن المطلوب من المؤمن ألا يحتكر شيئًا ليرفع سعره، ويرهق الناس، ويلحق الضرر بهم بسبب هذا الاحتكار، ففي الحديث الشريف: “الجالب مرزوق والمحتكر ملعون” كما يجب عليه أن يتجنب الغش والخداع ، ففي الحديث : ” من غشنا فليس منا”، وأن يكون سمحًا في بيعه وشرائه، ففي الحديث “رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع وسمحًا إذا اشترى وسمحًا إذا قضى وسمحًا إذا اقتضى”، والسماحة تدعو إلى عدم المغالاة في الأسعار طمعًا في الربح الكثير، فمن يسَّر على المسلمين يسر الله عليه، والتاجر إذا التزم بالسماحة والتيسير على عباد الله ابتغاء ثواب الله كان ذلك أفضل وأحسن له عند الله، فالله تعالى يقول: ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ).
وقد أثبتت التجارب في التجارات أن الذين يرضون بالربح القليل يبيعون كثيرًا، ويقبل الناس عليهم، وبذلك يكسبون خير الدنيا والآخرة، وقد قال الله تعالى:) ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب).(انتهى).