ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسافة التي تقصر فيها الصلاة هي ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين متر، ولا يضر نقصان المسافة عن المقدار المبين بشيء قليل، كميل أو ميلين، وعلى هذا فإذا كان المسافر يقطع بسفره هذه المسافة فله أن يقصر صلاته، حتى لو قطعها في لحظة واحدة كما لو كان مسافرا بالطائرة، والمشقة ليست شرطا لقصر الصلاة، بل ربط الشارع القصر بمسافة السفر ولم يربطها بالمشقة، وذلك لأن المسافة يمكن ضبطها أما المشقة فهي أمر متفاوت بين الناس لا يمكن ضبطها، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وخالف في ذلك الإمام الكاساني من الحنفية فقال العلة لقصر الصلاة في السفر هي المشقة التي تلحق بالمسافر، ولو قطع المسافر المسافة في ساعة فإنه لا يقصر الصلاة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية-:
حدد الفقهاء أقل المسافة التي تشترط لقصر الصلاة , وأنهم اعتبروا السير الوسط ( مشي الأقدام وسير الإبل ) هو الأساس في التقدير , والمقصود – هنا – هو معرفة الحكم إذا استعملت وسائل السفر الحديثة كالقطار والطائرة , حيث الراحة وقصر المدة . وقد تحدث الفقهاء في ذلك : فعند المالكية والشافعية والحنابلة – كما يتضح من أقوالهم – أن المسافر لو قطع مسافة السفر المحددة في زمن أقل ; لاستعماله وسائل أسرع فإنه يقصر الصلاة ; لأنه يصدق عليه أنه سافر مسافة القصر .
فقد قال الدسوقي : من كان يقطع المسافة بسفره قصر , ولو كان يقطعها في لحظة بطيران ونحوه . وقال النووي : يقصر المسافر , ولو قطع المسافة في ساعة .
وقال الخطيب الشربيني : يقصر المسافر , لو قطع المسافة في بعض يوم كما لو قطعها على فرس جواد . وقال البهوتي : يقصر المسافر الرباعية إلى ركعتين إجماعا , ولو قطع المسافة في ساعة واحدة ; لأنه صدق عليه أنه يسافر أربعة برد- مسافة القصر-.
وقد اختلف النقل عند الحنفية , فنقل الكاساني في بدائعه ما روي عن أبي حنيفة : من أن المسافر لو سار إلى موضع في يوم أو يومين , وأنه بسير الإبل , والمشي المعتاد ثلاثة أيام فإنه يقصر , اعتبارا للسير المعتاد . وهذا القول يوافق المذاهب السابقة ; لأن أبا حنيفة اعتبر أن العلة هي قطع المسافة . لكن الكمال بن الهمام : اعتبر أن العلة لقصر الصلاة في السفر هي المشقة التي تلحق بالمسافر , ولذلك يذكر : أن المسافر لو قطع المسافة في ساعة فإنه لا يقصر الصلاة , وإن كان يصدق عليه أنه قطع مسافة ثلاثة أيام بسير الإبل ; لانتفاء مظنة المشقة , وهي العلة .