حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
يقول الدكتور أحمد الشرباصي-رحمه الله تعالى-الأستاذ بجامعة الأزهر:
الوقوف على عَرَفَة في اليوم التاسع من شهر ذِي الحِجة هو أهم ركن في أعمال الحجِّ؛ ولذلك قال رسول الله ﷺ: “الحَجُّ عَرَفَة. وعَرَفَة جَبَلٌ في وَسَطه وادٍ يقع بين المُزْدَلِفَة والطائِف على مسافة من مكة المُكرمة، ويتحقق الوقوف بعَرَفَة إذَا وُجِد الإنسان في أيِّ جُزء من أجزاء هذا الوادي: مُحْرِمًا، واقفًا أو رَاكِبًا أو قَاعِدًا أو مُضطجعًا، وإذا لم يقف الحاجُّ بَعَرَفة أو لَمْ يُوجَد فيه، فإنه يكون قَدْ فاَته الحجُّ، ويجب عليه أن يُعيده في موسم لاحق.
ويُسَنُّ للوقوف عَلَى عَرَفَة الاغتسال -وهو الاستحمام، والمرأة تستطيع إذا كانت في حالة الحيْض أو النفاس أو الولادة أن تقف على عَرَفَات بلا أدنى حرج؛ لأن الطهارة من الحَدَث لَيْسَتْ شَرْطًا للوقوف على عَرَفَات،ويمكن للحائض أو النفساء أن تُؤَدِّي كُلَّ أَعْمَالِ الحَجِّ إِلَّا الطواف حول الكعبة، ثم تطوف بعد أن تنتهي حالتها وتتطهر.
ويمكن للمرأة الحاجّة -وهي في حالتها الخاصة هذه- أن تدعو وهي فوق عَرَفات بأي دعاء مأثور أو أي دعاء لله عز وجل.
ولقد أجمع العلماء على جواز الوقوف على عَرَفَات لِغَيْرِ الطاهر كالجُنُب، وهو المُحْدِث حَدَثًا أَكْبَرَ، أي عليه جَنَابَة، والحائض والنفساء.
ويسن للمرأة ولكل من حضر بعرفة أن يقف في المكان الذي وقف فيه رسول الله ﷺ عند الصخرات الكبار التي في أسفل جبل الرحمة إن كان ذلك مُتيسرًا له وسهلًا عليه، وأن يستقبل الْقِبْلَة، ويُكْثِر من الدعاء والاستغفار والتَّضرُّع إِلَى اللهِ، وأن يتجرَّد لربِّهِ عزَّ وجلَّ.
ومن هذه السُّنن أيضًا أن يكون مُتطهِّرًا من الحَدَث والخبَث. ولكن المرأة لا حيلةَ لها فيما يَعرض لها من حالتها الشهرية الخاصة بها؛ ولذلك لا تُؤَاخَذُ علَيها إذا وقفت على عرفات وهي حائض أو نفساء، والسُّنة لها في هذا الوقوف أن تجلس في أي مكان من عَرَفَة، وأن تتجنَّبَ مُزَاحَمَة الرِّجَال.