روى البخاري ومسلم أن رسول الله ﷺ :”الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها” ومعنى ( لا يرفث) أي لا يتكلم في الجنس، فهذا أدب من آداب الصيام، ينقص أجره لكنه لا يبطله.
هل يؤثر تبادل الكلام العاطفي بين الزوجين على الصوم
يباح للصائم أن يتبادل مع زوجته كلمات المحبة والحنان ، كما يباح له بعض الأفعال العاطفية كتقبيل زوجته أو معانقتها أو الإمساك بيدها ، إذا كان يملك نفسه ، ويضبط شهوته . وذلك لقول عائشة رضي الله عنها : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لأَرَبِهِ ) رواه البخاري ومسلم .
ومَعْنَى الْمُبَاشَرَة هُنَا : اللَّمْسُ بِالْيَدِ , وَهُوَ مِنْ اِلْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ .
والأرَب هو حاجة النفس . والمراد به هنا الجماع .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- :
” تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم ، كل ذلك جائز ولا حرج فيه ، لأن النبي ﷺ كان يقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم . لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة ، كره له ذلك ، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم . أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء ، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم ، ولأنه يشق التحرز منه” .
هل تقبيل الزوج زوجته يبطل الصيام
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :- لا حرج على الصائم في القبلة، إذا لم يخف على نفسه أن تحرك شهوته وتوقعه في المحذور.
وقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ﷺ يُقَبِّل ويُباشِر وهو صائم وكان أملككم لأربه (متفق عليه). أي لشهوته.
وعن عمر بن أبي سلمة: أنه سأل رسول الله ﷺ :أيُقَبِّل الصائم؟ فقال: ” سل هذه لأم سلمة” فأخبرته أن النبي ﷺ يصنع ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال له رسول الله ﷺ:” والله إني أتقاكم لله وأخشاكم له” (رواه مسلم، وعمر بن أبي سلمة هذا هو الحميري، وليس هو ابن أم سلمة).
وعن عمر رضي الله عنه، قال: هششت يومًا، فقبلت وأنا صائم، فأتيت النبي ﷺ، فقلت: إني صنعت اليوم أمرًا عظيمًا: قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله ﷺ: ” أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ ” قلت: لا بأس بذلك، قال ” ففيم؟ ” (رواه أبو داود).
ومن السلف من رخَّص في القُبلة للشيخ الكبير دون الشاب كما روى ابن ماجه عن ابن عباس: رُخِّص للكبير الصائم في المباشرة، وكُرِه للشاب. وظاهره أنه مرفوع.
ورواه مالك والشافعي والبيهقي بأسانيدهم الصحيحة عن عطاء بن يسار: أن ابن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب. هكذا رواه أبو داود موقوفًا عن ابن عباس (ذكر ذلك النووي في المجموع -354/6).
وعن أبي هريرة: أن رجلاً سأل النبي ﷺ عن المباشرة للصائم فرخَّص له، وأتاه آخر فنهاه. هذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب. رواه أبو داود بإسناد جيد ولم يضعفه، وعن ابن عمرو بن العاص قال :كنا عند النبي ﷺ، فجاء شاب فقال: يا رسول الله، أقبل وأنا صائم؟ فقال: “لا” فجاء شيخ فقال: أقبل وأنا صائم؟ قال: “نعم” رواه أحمد بن حنبل بإسناد ضعيف من رواية ابن لهيعة (قاله النووي في المجموع أيضًا، وصححه الشيخ شاكر في تخريجه للمسند، بناء على توثيقه لابن لهيعة بإطلاق).